مع استخدام وسائل التواصل الإجتماعي أصبح كلّ شيء سهل أكثر ممّا توقعنا، العلاقات الإجتماعية أصبحت سهلة، الكذب والخداع سهل، وحتى المشاعر سهلةٌ جدًّا، فبكبسة زرٍّ يمكنك الوصول إلى ما تريد من دون أي عناءٍ أو حتى لذّة.
بهذا انعدمت مهارات التواصل الحقيقي المباشر لدى الأفراد، باتَ الأمر مقتصرًا على بضع كلماتٍ مكتوبة ورموزٌ تعبيريّة لا تفسّر بالضرورة المشاعر الحقيقية، فخداع بعضنا البعض أصبح جدًّا سهل وبأسخف الطرق الممكنة. فتكاسل الجميع عن مقابلة بعضهم، فلما الجهد والتخطيط لموعدٍ أو مقابلة ما دام بإمكانهم تحقيق التواصل عبر مكالمة فيديو وهم مستلقون على أرائكهم؟
فالاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الإجتماعي دفع بالأفراد إلى العيش خلف قضبان الأوهام، فيميلون إلى التفاخر الدائم عبر تصوير أنفسهم دائمًا في أبهى حلّةٍ من دون إظهار الجوانب السيئة من حياتهم، ممّا جعل الآخرون يشعرون بالنقص جرّاء وضع أنفسهم في خانة المقارنة المستمرة.
غالبًا ما يُولّد هذا الوهم مشاعر نقص وإكتئاب، فيبدأ الفرد بالشعور أنّه أقل من غيره ممّا يجعله يسعى وراء كمالٍ وهمي. ذلك وأن معظم مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي يعانون من انعدام الثقة بالنفس فيتأثرون بالإعجاب الكمي وليس النوعي، فتكون أقصى طموحاتهم أن يحصلوا على أكبر كمية من التفاعل والإعجاب الذي في الحقيقة يفتقدونه في حياتهم الواقعية.
أصبح العالم بوجود وسائل التواصل الإجتماعي مجموعٌ في كفٍّ واحدٍ، فلا الحدود الجغرافية تقف عائقًا ولا حتى الزمان. فوصل بذلك الأمر إلى انتهاك الخصوصية ومعرفة كل شيء عن بعضهم البعض من دون أي حدود أو ضوابط.
لقد ساهمت هذه الوسائل في زيادة القلق الإجتماعي، فالجميع يسعى إلى أن يبدو رائعًا ولائقًا ممّا يزيد ضحايا التعذيب النفسي، فيعيش الأفراد في حالة من الخوف الدائم من اظهار حقيقتهم الأصلية المناقضة للمثالية الموجودة على صفحاتهم.
أصبحت صحتنا النفسية في خطر، فمن الممكن لكلمة أن تضعنا في السماء السابعة ولأخرى أن ترمينا في الحضيض. وبين ليلة وثانية يمكننا بناء علاقات حميمية وصداقات وقصورًا رملية من المشاعر والعواطف الواهية، كما يمكن أن تقف في وجوهنا حواجز اسمنتية كثيرة من الحزن والمشاعر السلبية.