تصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل ولبنان بعد إطلاق قذيفتين صاروخيتين من الأراضي اللبنانية نحو منطقة الجليل شمال إسرائيل صباح اليوم، مما دفع جيش العدو الإسرائيلي إلى الرد بقصف مدفعي مكثف استهدف قرى وبلدات في جنوب لبنان، وصولاً إلى تهديدات صريحة بضرب العاصمة بيروت.
أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيراً غير مسبوق عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، طالب فيه سكان الضاحية الجنوبية في بيروت، وخاصة حي الحدث، بإخلاء مبانٍ محددة بحجة قربها من منشآت تابعة لـ”حزب الله”. وجاء في التحذير: “من أجل سلامتكم، ابعدوا 300 متر على الأقل عن المواقع المحددة”.
هذا الإنذار، الذي يُعتبر استهدافاً غير مباشر للمدنيين، يأتي في إطار سياسة الترهيل الإسرائيلية التي تخلط بين الأهداف العسكرية والسكان المدنيين، مما يزيد من مخاطر وقوع خسائر بشرية واسعة.
قصف مكثف على جنوب لبنان
رداً على إطلاق الصاروخين، شن الجيش الإسرائيلي قصفاً مدفعياً وعبر الطيران استهدف بلدات الخيام وكفركلا والناقورة وعيتا الشعب، باستخدام قذائف الفوسفور المحظورة دولياً في بعض المناطق، وفقاً للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام. كما تعرضت أطراف بلدة قعقعية الجسر لقصف عنيف، مما أجبر الأهالي على تجنب الطرق الرئيسية خوفاً من القصف المتواصل.
وأفادت تقارير محلية بتعطيل الحياة اليومية في المنطقة، حيث أُغلقت المدارس في مدينة صور والنبطية، وحلّقت طائرات استطلاع إسرائيلية فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، في تصعيد يهدد بانهيار الهدنة الهشة المعلنة منذ نوفمبر الماضي.
اتهامات متبادلة وانتهاكات لوقف إطلاق النار
من جهته، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي، يوئاف غالانت، لبنان مسؤولية إطلاق الصاروخين، محذراً: “إذا لم يخيم الهدوء على الجليل، فلن يكون هناك هدوء في بيروت”. في المقابل، نفى “حزب الله” أي تورط في الحادث، مؤكداً في بيان عبر “تلغرام” التزامه بوقف إطلاق النار.
يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2023 نص على انسحاب القوات الإسرائيلية، إلا أن كلا الطرفين يتهم الآخر بعدم الالتزام بالاتفاق. فبينما تتهم إسرائيل “حزب الله” بالاحتفاظ ببنية عسكرية في المنطقة، يؤكد لبنان أن إسرائيل تواصل انتهاك سيادته عبر الغارات الجوية والوجود العسكري في قمم تلال حدودية.
تداعيات خطيرة على المدنيين
التصعيد الأخير يزيد من معاناة المدنيين في جنوب لبنان، الذين يعانون منذ أشهر من تبعات الحرب المستمرة. فبالإضافة إلى الخسائر المادية، أدى القصف الإسرائيلي إلى نزوح مئات العائلات وتعطيل الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والصحة.
كما أن التهديد بضرب بيروت، لو نفذ، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، خاصة أن العاصمة اللبنانية تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة.
مخاوف من عودة الحرب الشاملة
مع استمرار التبادل العسكري وعدم وجود وساطة دولية فاعلة، يخشى مراقبون من انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع، خاصة في ظل تصريحات إسرائيلية ترفع سقف التهديدات، مثل مقولة غالانت: “حكم كريات شمونة كحكم بيروت”، والتي تعكس نية الرد بعنف على أي هجوم.
يُذكر أن التوترات بين الجانبين خلفت سابقاً مئات القتلى والجرحى، ومع كل تصعيد جديد، تزداد احتمالية تكرار السيناريو الكارثي، خاصة مع عدم وجود ضمانات لحماية المدنيين أو آليات دولية رادعة.
فريق التحرير