في خطوة تعكس تزايد تأثير التكنولوجيا على عالم الفن، اختتمت دار “كريستيز” للمزادات أول مزاد مخصص بالكامل لأعمال فنية تم إنتاجها بمساعدة الذكاء الاصطناعي، تحت عنوان “الذكاء المعزز” (Augmented Intelligence). المزاد، الذي استمر من 20 فبراير إلى 5 مارس، عرض نحو 20 قطعة فنية، تتراوح بين لوحات ومنحوتات ورسوم رقمية، لكنه أثار جدلاً واسعاً حول حدود الإبداع البشري وحقوق الملكية الفكرية.
نتائج متباينة
لم تكن نتائج المزاد متسقة، حيث فشلت 14 قطعة من أصل 34 في تحقيق الحد الأدنى من السعر التقديري أو حتى اجتذاب عروض شراء كافية. ومع ذلك، برزت بعض الأعمال التي لاقت إقبالاً كبيراً، مثل العمل التحريكي للفنان الرقمي العالمي رفيق أناضول، الذي بيع بمبلغ 277,200 دولار، متجاوزاً التوقعات.
في المقابل، لم يتمكن العمل الفني للفنان الأمريكي بيندار فان أرمان من العثور على مشترٍ، رغم كونه أحد أبرز القطع المعروضة. كما بيع عمل للفنان الراحل تشارلز سوري، أحد رواد “فن الكمبيوتر”، مقابل 50,400 دولار، وهو أقل من التقديرات الأولية التي وضعتها “كريستيز”.
جدل حول الملكية الفكرية
واجه المزاد انتقادات حادة من قبل فنانيين تقليديين، الذين وصفوا الأعمال المعروضة بأنها “سرقة جماعية”، مشيرين إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في إنتاج هذه الأعمال تم تدريبها على أعمال فنية محمية بحقوق الملكية الفكرية دون إذن مسبق.
وكانت قضية استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن قد تصدرت المشهد العام في عام 2023، عندما رفع عدد من الفنانين دعاوى قضائية ضد شركات ناشئة مثل “ميدجورني” و”ستابيليتي إيه آي”، متهمين إياها بانتهاك قوانين الملكية الفكرية.
إقبال من الأجيال الشابة
رغم الجدل، أشارت نيكول سايلز جايلز، المسؤولة عن مبيعات الفن الرقمي في “كريستيز”، إلى أن المزاد نجح في جذب اهتمام جديد، حيث كان 37% من المشاركين فيه جديدين تماماً على عالم المزادات الفنية. كما شكل جيل الألفية والجيل “زد” نحو 48% من مقدمي العطاءات، مما يعكس اهتمام الأجيال الشابة بالفن الرقمي والتقنيات الحديثة.
مستقبل الفن والذكاء الاصطناعي
يبدو أن الجدل حول دور الذكاء الاصطناعي في الفن لن ينتهي قريباً. فبينما يرى البعض أن هذه التقنيات تفتح آفاقاً جديدة للإبداع، يرى آخرون أنها تهدد الإبداع البشري وتنتهك حقوق الفنانين. وقد تجسد هذا التوتر في عريضة جماعية وقعها أكثر من 6300 فنان، طالبوا فيها بحماية الإبداع البشري من تدخلات الذكاء الاصطناعي.
بين النجاحات الفردية والانتقادات الحادة، يبقى سؤال رئيسي: هل يمكن أن يتعايش الفن التقليدي مع الفن المعزز بالذكاء الاصطناعي، أم أن الصراع بينهما سيحدد مستقبل الإبداع؟ الإجابة ربما تكمن في المزادات القادمة.
فريق التحرير