بين تلال هضبة “فيرمين” الوعرة في جزيرة سقطرى اليمنية، تقف آخر غابة صامدة من أشجار “دم التنين”، إحدى أندر الأشجار في العالم وأكثرها ارتباطاً بالهوية البيئية للجزيرة. لكنّ هذا الإرث الطبيعي الفريد يتعرض اليوم لخطر الانقراض، وسط غياب شبه تام للدعم المؤسسي وتفاقم آثار التغير المناخي.
يقول الخبير البيئي د. ريكارد فورست: “الأشجار القديمة تموت وتتساقط، ولا يوجد تجديد كافٍ عبر الشتلات. في المشاتل الصغيرة والأحواض، نلاحظ نمواً أفضل للنباتات وقدرتها على الصمود في وجه التغير المناخي تكون أعلى بكثير”.
بيئة مهددة وصراعات تعيق الحماية
إلا أن هذه الجهود المتواضعة في حفظ البيئة تصطدم بتحديات هائلة، أبرزها تداعيات الحرب والانهيار المؤسسي في اليمن. ويؤكد عبد الرحمن الإرياني، المستشار في شركة “غلف ستيت أناليتيكس” بواشنطن، أن “صانعي القرار يركّزون على بقاء الدولة والخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، أما المناخ فغالباً ما يُعتبر ترفاً لا تحتمله الظروف الحالية.”
هذا الفراغ في الدعم الرسمي، ترك جهود الحفاظ على البيئة في أيدي سكان الجزيرة. ويقول سامي مبارك، أحد المرشدين السياحيين البيئيين في سقطرى، إن معظم المشاتل المحلية تعتمد على بنى تحتية هشة. ويضيف أن “سياج مشتل عائلة كيباني مثلاً مكوّن من أعمدة مائلة مربوطة بأسلاك رقيقة، ولن يصمد سوى بضع سنوات قبل أن تدمره الرياح أو الأمطار.”
الحاجة إلى دعم عاجل
يشير مبارك كوبي، المسؤول السياحي المحلي، إلى أن تمويل مشاتل أكثر متانة ومجهزة بأعمدة إسمنتية سيُحدث فرقاً حقيقياً في حماية هذا الكنز البيئي. ويؤكد أن “الوقت ينفد، وإذا لم نتحرك سريعاً فسنفقد ما لا يُعوّض.”
في ضوء هذا الواقع، يبدو أن بقاء أشجار دم التنين، والبيئة الفريدة التي تحتضنها جزيرة سقطرى، يعتمد الآن على صمود السكان المحليين… والدعم الذي قد يأتي أو لا يأتي.