في عالمٍ يغرق في صمتٍ مطبقٍ أمام مأساة إنسانية تُرتكب كل يوم، تخرج صورةٌ واحدة لتحمل في إطارها كل الصرخات التي لم تُسمع، وكل الدموع التي لم تُمسح، وكل الأرواح التي سُحقت تحت وطأة الحرب. لقطةٌ قُدّرت بقيمة جائزة الصحافة العالمية، التي تنافس عليها 4000 مصّور من 141 دولة، لتفوز بها المصوّرة الفلسطينية **سمر أبو العوف**، ليس لأنها الأكثر إبهاراً فنيّاً فحسب، بل لأنها الأكثر إيلاماً وإلهاماً في آنٍ واحد.
هذا ليس محمود عجور فقط.. هذا العالم كلّه!
بهذه الكلمات المُفعمة بالحزن والغضب، علّقت **جمانة الزين خوري**، مديرة الجائزة، على الصورة التي التقطتها أبو العوف للفتى الفلسطيني محمود عجور، الذي وقف وحيداً بين أنقاض منزله المدمر، يحمل في عينيه سؤالاً لا جواب له: “لماذا؟”. قالت سمر إنها حين ضغطت على زر الكاميرا، رأت أبناءها الأربعة في محمود، وشعرت بألمه كما لو كان طفلها. ففي غزة، كل طفل هو ابن كل أم، وكل بيت مهدم هو وطن يُنهب تحت سمع العالم وبصره.
كاميرا تقاوم النسيان
ليست هذه المرة الأولى التي توثق فيها سمر أبو العوف معاناة شعبها تحت القصف الإسرائيلي المتواصل. فعدستها كانت شاهدةً على الموت الذي يطارد الأطفال في المدارس، وعلى الجوع الذي ينهش الأجساد الهزيلة، وعلى الصمود الذي يتحدى كل محاولات الإبادة. لكن هذه الصورة بالذات كانت مختلفة، لأنها لم تُظهر الدمار وحده، بل كشفت عن الكرامة الإنسانية التي تبقى شامخة حتى تحت الأنقاض.
اليوم، تتحول هذه اللقطة إلى رسالةٍ للعالم: فلسطين ليست مجرد أرقام ضحايا أو أخبار عابرة، بل هي قضية إنسانية تخص كل من يملك قلباً وضميراً. فالجائزة التي حصلت عليها سمر ليست تكريماً لها فقط، بل هي صفعةٌ لكل من يتجاهل أن هناك شعباً يُباد، وطفولةً تُسرق، وحياةً تُدفن كل يوم في غزة.. دون أن يحرك أحد ساكناً.
فهل توقظنا هذه الصورة أخيراً؟ أم سنظل ننتظر حتى يختفي الجميع تحت الركام؟