كأنّ بيروت تُجيد الرقص على جراحها، تُشعل ضوءاً في آخر النفق، وتقول: “أنا لا أموت… بل أُبدع”.
في غاليري مايا، ليست الألوان وحدها من تتكلم، بل الجسد أيضاً… الجسدُ الذي لم يعد ينتظرُ الغفران من المرآة، ولا يعتذر عن امتلائه أمام ميزان الموضة.
هنا، في معرض “يا هوا بيروت”، ترسم إسراء زيدان أنوثتها كأنها ترسم الأرض، وتكتب بالفرشاة ما لم تستطع السياسة قوله:
“الجمال ليس نحولاً… الجمال امتلاءٌ بالحياة.”
نساءٌ من نورٍ وطينٍ وماءٍ، عيونهنّ لا تهرب، وأذرعهنّ لا تختبئ، يضحكنَ من قلب اللوحة كأنّهنّ قادرات على إسكات الحرب.
تتمايل خطوط الجسد مثل رقصات صيفٍ على كورنيش بيروت،
وتقول اللوحات:
“هنا مرّت امرأةٌ تشبه الحقيقة… لا إعلانَ عطور.”
اللون زهريّ كجرحٍ شفيف،
أزرقُ كندبةِ المنفى،
أخضرُ كأملٍ يستفيق بعد الغارة.
نساءُ زيدان لا يحتجنَ فارساً، ولا ينتظرنَ تصفيقَ الجمهور.
فهنّ يعرفنَ أن الجسد إذا امتلأ بالكرامة،
صار وطناً…
وأنّ اللوحة إن لم تقل الحقيقة،
تبقى مجرد زينةٍ على جدار النسيان.
وفي حضرة بيروت، المدينة التي كلما قصفتْ،
أنجبتْ فكرةً جديدة..
يصبح الجسدُ الممتلئ مرآةً للروح…
وشهادةَ ميلادٍ جديدةٍ للأنوثة الحرة.
هذا المعرض ليس ريشةً تمشط الشعر،
بل هو أصابع تغرس المعنى في طين الذاكرة.
و”يا هوا بيروت” ليست عنواناً لمعرض،
بل نشيداً لأنثى تقول لجسدها:
“لا تخف… أنتَ كافٍ.”