في إطار الاحتفاء بالإرث الأدبي والفني لجبران خليل جبران، افتُتح معرضٌ خاص في المكتبة الشرقية ببيروت تحت عنوان “رحلات كتاب النبي عبر لغات العالم”، حيث يُعرض أكثر من 80 ترجمة لكتاب “النبي”، أحد أشهر أعمال جبران الذي نُشر لأول مرة عام 1923 في الولايات المتحدة.
نُظم المعرض بالتعاون بين “مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية” و”المكتبة الشرقية”، بدعم من “متحف جبران” الذي قدم نسخاً نادرة من الكتاب. وقد تأخر افتتاح المعرض عامين عن الذكرى المئوية لإصدار الكتاب بسبب ظروف خارجة عن الإرادة، وفقاً لأليس مغبغب، مديرة المهرجان، التي أكدت أن الهدف كان جمع 100 ترجمة بمناسبة الذكرى المئوية، لكن الصعوبات في العثور على نسخ بجميع اللغات حالت دون ذلك.
ترجمات نادرة من حول العالم
يضم المعرض 76 ترجمة للكتاب، مقسمة إلى خمس مجموعات تحتوي كل منها على ما بين 10 إلى 16 نسخة. ومن بين اللغات المعروضة الفرنسية، البرتغالية، اليابانية، الألمانية، بالإضافة إلى ترجمتين عربيتين: واحدة للشاعر هنري زغيب عام 2003، وأخرى لأنطونيوس بشير عام 1997. كما تشمل الترجمات نسخاً نادرة بالإيطالية (2004)، والفارسية (1971)، وحتى لغات أقل انتشاراً مثل السريانية والباسكية ولغة الألزاس.
وقد تميزت النسخ الأولى من الكتاب ببساطة أغلفتها وإخراجها الفني، الذي يعكس الثقافة والفنون الخاصة بالشعوب التي نُقل إليها الكتاب. وأشارت مغبغب إلى أن بعض النسخ تم الحصول عليها من مكتبات خاصة، مثل مكتبة فارس الزغبي في الجامعة اليسوعية، التي قدمت النسخة الأولى من الكتاب.
“النبي”: كتاب يتجاوز الحدود
يُعتبر كتاب “النبي” من أكثر الأعمال الأدبية تأثيراً على مستوى العالم، حيث يتناول موضوعات إنسانية شاملة مثل الحب، الزواج، الحرية، الدين، والأخلاق. هذه الموضوعات جعلت الكتاب قابلاً للترجمة والتأقلم مع مختلف الثقافات، مما أدى إلى انتشاره بشكل واسع وتلقائي.
وقد لفت المعرض الانتباه إلى غياب بعض الترجمات المهمة، مثل ترجمات ميخائيل نعيمة، الصديق المقرب لجبران، وثروت عكاشة. كما لم يتم عرض ترجمة يوسف الخال بسبب حجمها الكبير الذي لا يتناسب مع طبيعة المعرض.
احتفاء مستمر بإرث جبران
يأتي هذا المعرض في وقت يشهد اهتماماً متجدداً بأعمال جبران، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه القيم الإنسانية في عصر طغت فيه المادية والحداثة. ويُظهر المعرض كيف أن “النبي” لا يزال قادراً على تقديم رسائل تطمئن القارئ وتلهمه في عالم يزداد تعقيداً.
وقد ساهمت “مؤسسة سعد الله ولبنى الخليل” في تغطية تكاليف بعض النسخ المعروضة، مما يعكس الدور الهام للمؤسسات الثقافية في الحفاظ على الإرث الأدبي وإتاحته للجمهور.
يستمر المعرض في استقبال الزوار، مقدماً فرصة نادرة للاطلاع على رحلة “النبي” عبر لغات العالم، وتذكيراً بقدرة الأدب على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
فريق التحرير