نجح فريق بحثي من جامعة سيدني في أستراليا بتطوير آلية مبتكرة لتحويل ذرات النيتروجين الموجودة في الهواء مباشرة إلى غاز الأمونيا، عبر عملية صديقة للبيئة تعتمد على الكهرباء، وهو إنجاز علمي نشر في دورية “آن فيفانته خيمي” الألمانية المتخصصة في الكيمياء التطبيقية.
أهمية الأمونيا في الصناعات العالمية
الأمونيا من المركبات الكيميائية الأساسية التي تدخل في العديد من الصناعات الحيوية، خاصة صناعة الأسمدة الزراعية التي تسهم في إنتاج نحو 50% من الغذاء العالمي. ويرتكز إنتاج الأمونيا تقليديًا على آلية هابر-بوش الشهيرة، والتي تُنتج حوالي 90% من الأمونيا المستخدمة عالميًا، لكنها عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة ومرتبطة بانبعاث كميات كبيرة من غازات الدفيئة الضارة بالبيئة.
آلية جديدة: تحويل الهواء إلى أمونيا بالكهرباء
قاد البروفيسور بي جاي كولين فريق البحث الذي قضى ست سنوات في تطوير هذه التقنية الخضراء، التي تعتمد على تحويل الهواء مباشرة إلى أمونيا باستخدام الكهرباء. وقال في بيان صحفي صدر في الرابع من يوليو/تموز:
“نجحنا في تطوير وسيلة تسمح بتحول الهواء إلى غاز الأمونيا باستخدام الكهرباء، وهي خطوة كبيرة نحو تحقيق أهدافنا في إنتاج أمونيا خضراء صديقة للبيئة.”
كيف تعمل التقنية؟
تنشيط الغازات الخاملة عبر البلازما
الهواء الطبيعي يحتوي على النيتروجين، وهو غاز خامل كيميائيًا لا يتفاعل بسهولة. لمحاكاة عمليات طبيعية مثل البرق التي تنشط الغازات، استُخدمت عملية توليد البلازما عبر تمرير تيار كهربائي على الهواء داخل جهاز خاص.
تتسبب الكهرباء في تنشيط ذرات الأكسجين والنيتروجين في الهواء، فتتحول إلى أيونات موجبة وإلكترونات سالبة، مكونة حالة البلازما، وهي الحالة الرابعة للمادة إلى جانب الصلبة والسائلة والغازية. تؤدي هذه الجزيئات النشطة إلى إنتاج غاز أكسيد النيتروجين، وهو وسيط مهم في عملية إنتاج الأمونيا.
الغشاء المحفز: قوة النحاس وأكسيد الحديد النانوية
في خطوة منفصلة، طور الباحثون غشاءً مكونًا من ذرات النحاس، عُرض إلى بلازما الأكسجين لإحداث “فراغات أكسجين” داخل الغشاء، مما يعزز فعاليته كمحفز كيميائي. بعد ذلك عولج الغشاء بمادة أكسيد الحديد النانوية لتعزيز خصائصه التفاعلية.
تُساعد هذه الفراغات على جذب جزيئات أكسيد النيتروجين، وتضعف الروابط الكيميائية فيها، مما يسهل تفاعلها مع مكونات أخرى.
التفاعل النهائي لإنتاج الأمونيا
يرتبط الغشاء بجهاز كهرلي يحتوي على الماء، الذي يوفر الهيدروجين اللازم لتكوين الأمونيا. عند مرور التيار الكهربائي، يتفاعل أكسيد النيتروجين مع الهيدروجين في الماء، وينتج غاز الأمونيا النقي في شكله الغازي.
مزايا تقنية جامعة سيدني مقارنة بآلية هابر-بوش
انخفاض الطاقة المطلوبة: لا تحتاج التقنية الجديدة إلى ضغوط عالية أو درجات حرارة مرتفعة كما في طريقة هابر-بوش.
عدم الحاجة لهيدروجين نقي عالي الجودة: ما يوفر مراحل تجهيز معقدة ومكلفة.
صديقة للبيئة: تقلل انبعاثات الكربون، وتعتمد على الكهرباء التي يمكن توليدها من مصادر متجددة كالطاقة الشمسية والريحية.
مرونة التطبيق: يمكن تنفيذها في مواقع مختلفة دون الحاجة إلى بنية تحتية ضخمة.