في الماضي، كان همّ طلبة غزة الأكبر هو الاختبارات الصعبة أو قلة الوقت للمذاكرة، أما اليوم فقد تغير السؤال تماماً: “أين ندرس بعد أن دُمرت جامعاتنا؟ وبماذا نبحث بعد احتراق مكتباتنا؟ وكيف نخطط لغدٍ لم يعد له ركائز؟”.
لم تكتفِ الحرب بتحويل الصفوف والمدارس إلى ركام، بل أحرقت معها تراثاً من المعرفة على مدى عقود. أوراق البحثية تذروها الرياح، وقاعات المحاضرات باتت أطلالاً، وكأنها تذكير قاسٍ بأن الحرب لا تقتل البشر فحسب، بل تقتل المستقبل أيضاً.
طلاب في مواجهة العجز
1. البحث عن الإنترنت: معركة يومية
– سهام الأيوبي، طالبة ماجستير في الأدب، تقضي ساعات في البحث عن إشارة إنترنت ضعيفة بين المخيمات.
– تقول: “أحيانًا أمشي لأكثر من ساعة لأجد شبكة، فقط لأرسل ملفًا واحدًا لمشرفي”.
2. رسائل الماجستير التي لن تكتمل
– يوسف أبو سمعان ، طالب هندسة، كان يعمل على بحث يتطلب مختبرات متطورة، لكن جامعته دُمرت بالكامل.
– اليوم، يحاول تعديل بحثه ليعتمد على نظريات بسيطة، لأنه لا يستطيع إجراء أي تجارب عملية.
3. الكتب التي صارت ذكرى
– أماني الجعبري، طالبة تاريخ، كانت تعتمد على مكتبة الجامعة الإسلامية التي تحوي مخطوطات نادرة.
– تقول: “كنت أتصفح كتبًا عمرها مئات السنين، والآن لم يتبقَ شيء… حتى الصور التي كنت أحتفظ بها للكتب دمرت مع بيتنا”.
الفصل الثاني: ما الذي دمرته الحرب بالضبط؟
1. جامعة الأزهر: خسائر تقدر بملايين الدولارات
– تدمير كليات الآداب، الزراعة، والحقوق.
– احتراق أكثر من 95% من محتويات المكتبة المركزية.
2. الجامعة الإسلامية: ضربة للمعرفة الإنسانية
– مكتبة من 6 طوابق تحتوي على وثائق تاريخية نادرة، دمرت تمامًا.
– مخطوطات يعود بعضها إلى القرن التاسع عشر لم يعد لها وجود.
3. جامعة القدس المفتوحة: أرشيف كامل يُفقد
– أحرق الاحتلال الفرع الرئيسي في رفح، وأتلف آلاف الكتب التي كانت مرجعًا للطلاب.
هل من حلول؟
1. محاولات جامعية يائسة
– بعض الجامعات تتصل بمؤسسات في الضفة الغربية للحصول على نسخ إلكترونية من الكتب.
– مبادرات فردية من أساتذة لتوفير ملخصات ومحاضرات عبر تطبيقات مثل “واتساب”.
2. صمود الطلاب رغم كل شيء
– الكثيرون يرفضون تأجيل دراستهم، ويحاولون إكمال أبحاثهم بأي وسيلة متاحة.
– بعضهم يعتمد على الذاكرة أو الملاحظات القديمة لكتابة أوراقهم البحثية.
3. نداءات دولية لم تُجب
– منظمات حقوقية تطالب بتدخل عاجل لإعادة بناء القطاع التعليمي في غزة.
– حتى الآن، لا توجد استجابة فعلية بسبب استمرار العدوان والحصار.
التعليم كفاح… والنجاح معجزة
في غزة اليوم، لم يعد الحصول على شهادة تعليمية مسألة اجتهاد أو ذكاء، بل أصبح اختبارًا للصبر والإرادة. الطلاب هنا لا يحاربون فقط من أجل درجاتهم، بل من أجل حقهم الأساسي في التعلم.
سهام تختتم حديثها بهمسة حزينة:
“كنا نتنافس على المراتب الأولى… الآن نتنافس فقط على البقاء”.
فريق التحرير