أيدت محكمة الاستئناف الجزائرية، يوم الثلاثاء 1 تموز/يوليو 2025، الحكم الابتدائي الصادر بحق الكاتب الفرنسي–الجزائري بوعلام صنصال، والقاضي بسجنه لمدة 5 سنوات بتهمة المساس بوحدة الوطن، في قضية أثارت ردود فعل حقوقية ودبلوماسية واسعة النطاق.
وكان صنصال (80 عامًا)، قد أوقف في الجزائر في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، عقب تصريحات أدلى بها لإحدى وسائل الإعلام الفرنسية، اعتبر فيها أن جزءًا من أراضي المغرب، في إشارة إلى الصحراء الغربية، اقتُطع خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية وضُم إلى الجزائر بعد الاستقلال. واعتُبرت هذه التصريحات، حسب الادعاء، تهديدًا للوحدة الترابية للبلاد.
وخلال جلسات المحاكمة، نفى صنصال التهم الموجهة إليه، مؤكدًا أن تصريحاته جاءت في سياق حرية التعبير، دون أي نية للإساءة إلى الجزائر أو التشكيك في سيادتها. ورغم هذا الدفاع، ثبتت المحكمة الاستئنافية الحكم بالسجن دون تخفيف.
توتر دبلوماسي بين الجزائر وفرنسا
القرار القضائي قوبل بانتقادات من السلطات الفرنسية، التي أعربت عن أسفها الشديد، ودعت إلى معالجة القضية بـ”طريقة إنسانية تحفظ الكرامة وتأخذ بالحسبان العمر المتقدم لصنصال ووضعه الصحي الحرج”. ويعاني الكاتب من سرطان البروستاتا، وقد نُقل إلى المستشفى مرارًا أثناء فترة توقيفه الاحتياطي.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد طالب في وقت سابق بإطلاق سراح صنصال، فيما تتابع الخارجية الفرنسية القضية كأولوية دبلوماسية، لا سيما بعد تفاقم التوتر بين البلدين إثر اعتراف باريس رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
أبعاد سياسية أم قضائية؟
يعتبر مراقبون أن هذه القضية تتجاوز بعدها القانوني إلى بعد سياسي واضح، في ظل التصعيد المتبادل بين الجزائر وباريس. إذ يرى كثيرون أن الحكم على شخصية أدبية وثقافية معروفة مثل صنصال، يعكس تشددًا من السلطات الجزائرية في وجه أي خطاب يُشكك في مواقفها السيادية، خاصة فيما يتعلق بالصحراء الغربية.
كما تندرج هذه القضية ضمن سياق أوسع من استخدام القضاء في مواجهة المثقفين والصحافيين، حيث طُبّقت مواد قانونية مشددة تُعنى بالإرهاب والأمن الوطني ضد تعبيرات رأي أو مواقف فكرية.
قرار نهائي… والطعن غير مرجح
مصادر مقربة من الدفاع أشارت إلى أن صنصال قد لا يلجأ إلى الطعن أمام المحكمة العليا، نظرًا لضعف فرص نقض الحكم، وترجيح استنفاد السبل القضائية. وهو ما يعيد الأنظار إلى احتمال صدور عفو رئاسي بمناسبة عيد الاستقلال الجزائري، كحل إنساني أخير في هذه القضية المثيرة للجدل.