من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا في عالم الحميات الغذائية هو الاعتقاد بأن تقليل كميات الطعام بشكل حاد يؤدي إلى خسارة أسرع في الوزن. غير أن الأبحاث الحديثة تُظهر أن هذا النهج يأتي بنتائج عكسية تمامًا. فقد بيّنت دراسة أُجريت في جامعة هارفرد أن اتباع نظام غذائي قاسٍ أو يعتمد على الحرمان يؤدي إلى انخفاض معدل الأيض الأساسي (Metabolic Rate) بنسبة تتراوح بين 20% و50%.
التفسير العلمي
تشرح أخصائية التغذية الدكتورة رنيم النوري، أن الجسم عندما يواجه نقصًا حادًا في السعرات الحرارية، يفسّر الدماغ هذا التغيير على أنه إشارة خطر أو مجاعة. كردّ فعل طبيعي للبقاء، يقوم الجسم بتفعيل آليات دفاعية تهدف إلى توفير الطاقة، فيبطئ من عملية الأيض وحرق السعرات.
هذا التكيّف الأيضي (Metabolic Adaptation) يجعل الجسم يحرق سعرات أقل حتى أثناء الراحة، مما يؤدي إلى ثبات الوزن أو حتى استعادته بسرعة بعد انتهاء الحمية.
تأثير الحرمان على الهرمونات
تشير الدكتورة رنيم إلى أن الحرمان لا يؤثر فقط على الأيض، بل أيضًا على الهرمونات المنظمة للجوع والشبع:
ينخفض مستوى الليبتين (Leptin)، الهرمون الذي يعطي الدماغ إشارة بالشبع.
بينما يزداد إفراز الغريلين (Ghrelin)، هرمون الجوع، مما يزيد الرغبة في الأكل.
نتيجة لذلك، يدخل الجسم في حلقة مفرغة من البطء الأيضي والجوع المستمر، مما يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة على المدى الطويل.
الحل العلمي
تؤكد الدكتورة رنيم النوري أن الحل لا يكمن في خفض الكمية، بل في تحسين النوعية.
بمعنى آخر، توصي الدكتورة رنيم النوري بالتركيز على:
- تناول أطعمة طبيعية وغنية بالعناصر الغذائية.
- الحفاظ على توازن البروتين، الدهون الصحية، والكربوهيدرات المعقدة.
- توزيع الوجبات بشكل منتظم لدعم استقرار سكر الدم والطاقة.
هذا الأسلوب، كما توضح الدكتورة النوري، يساعد على تحفيز الحرق بشكل طبيعي دون تعريض الجسم لحالة “المجاعة الأيضية”.
وفي نهاية المقال، تشدد الدكتورة رنيم النوري على أن الحرمان ليس وسيلة فعّالة لإنقاص الوزن، بل عائق علمي وبيولوجي أمام تحقيق نتائج مستدامة. فالجسم الذكي لا يمكن خداعه بالحرمان، بل يحتاج إلى تغذية ذكية تحافظ على نشاطه الأيضي وتوازن هرموناته.
وتختتم النوري بأن خسارة الوزن الصحية لا تعتمد على “كم نأكل”، بل على “ماذا نأكل وكيف نعيش”.