مع إقتراب العام الدراسي الجديد يواجه طلاب مدارس لبنان وذويهم أزمة جديد تدفعهم لتحمل عواقب صارمة، فإما الإنتقال الى التعليم الرسمي في المدارس الحكومة والتي تواجه بدورها صعوبات كبيرة في تأمين رواتب المدرسين والهيئات الإدارية وشبه غياب تام للدعم المادي من الدولة بسبب الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد وأما التسرب المدرسي في عجز ذويهم عن تأمين الأقساط بالعملة الصعبة “فريش دولار”. وقد بات واضحاً المخطط الذي يهدف لتدمير التعليم الرسمي طمعاً في تخصيصها، مع غياب التشريع والتفتيش والرقابة وعدم تصحيح واضح للرواتب وغياب الرؤية التربوية الصحيحة.
وقد عمدت معظم المدارس الخاصة قبيل إنتهاء العام الدراسي الماضي بإرسال إشعارات الى أولياء الطلاب تُبلغهم بضرورة دفع جزء من القسط بالدولار الأمريكي وفي مهل محددة وإلا سيفقد أبنائهم مقاعدهم الدراسية للعام الدراسي القادم. يُذكر أن مدارس كثيرة قدمت “عروضاّ خاصة” أبرزها إعفاء الأهل من أي زيادة مستجدة على الأقساط خلال العام الدراسي القادم إذ قاموا بدفع كامل الأقساط دفعة واحدة.
يشعر الأهل بأنّهم يوضعون تحت الأمر الواقع والتخوّف الكبير بالنسبة لهم لا يتعلّق بالعام الدراسي المقبل بل بقدرتهم على الاستمرار. فقد وضعتهم المدارس الخاصة أمام خيارات صعبة، فإمّا أن يرضون بدفع الزيادات وإمّا يلجؤون إلى صندوق الدعم بشكل فردي كعائلات غير قادرة على الدفع، وهذا ما يُعرض مستقبل أبنائهم لمخاطر إذ لم يستطعوا تأمين هذه الأقساط خاصة بعد ما أنذرت بعض المدارس انها قد تلجأ إلى زيادات طارئة خلال العام الدراسي القادم.
يشار إلى أنّ المدارس الخاصة شهدت خلال العامين الماضيين نزوحًا كبير إليها من التعليم الرسمي بسبب تعطيل التعليم الرسمي، ومن الواضح إن هذا النزوح سيستمر في زحفه هذا العام أيضاً. وقد أكد الأب يوسف نصر إنّ عدد التلامذة في المدارس الكاثوليكية ارتفع العام الحالي ولكن بقاءهم يقف بشكل أساسي على الرؤية المالية والعقلانية التي يجب أن تراعي قدرات الأهل.
كل هذه المعوقات والتحديات تواجه الطلاب وذويهم وتساومهم على تأمين مستقبل أبنائهم خاصة إن الأهالي وأولياء الأمور في لبنان قد يبذلون الغالي والنفيس، لتعليم أبنائهم، وبالتالي منحهم فرصة للحصول على حياة أفضل مما هم عليه اليوم وإيصال أبنائهم إلى مراتب علمية عالية، تكون سند لهم في المستقبل برغم حال البلد المتعثر. وعليه فإنهم يجدون أنفسهم مع مطلع هذا العام الدراسي، منغمسين في معترك شاق لتأمين المتطلبات واللوازم للأبناء، بالرغم من انسداد الأفق على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.