فِي الواحدة مِن بَعدِ مُنتصَفِ ليلة مَاطِرة مُمِلّة مُتْعِبة، قُرّرتُ وعلى غير عادة أَن أَتَفقد قَائِمة طَلَبات الصَّدَاقَة وَمَخزن الرَّسائل الْمُهَمّشة فِي حِسَابي على إِنْسِتِغْرام ، رَسَائل مُتراكمَة أَحَدها كَانت لِفَتًى يُدعى “فارس”
[مُحَاميتي، كَاتبتي أَيهما تَفضلين لِأُطْلق عليكِ في حَدِيثنا الْقَادِم، أَتُدرِكين مَا مدى رَغْبَتِي بِأَن أَكُونَ وَلو لمرّة وَاحِدة مكان أَحَدِ هؤُلَاءِ المجرمين الَّذِين يَقُصُّونَ عليكِ قِصَصهم عَشَرات المرات وكل حَوَاسِك سمعٌ لَهم ، وَأحدُهم وَاثِقٌ للعمى يستطرد عن قضيته مِن أَجلِ أَن يُخبرك فَقَط كَم تبدِينَ جَمِيلَةً فِي كُلِّ مُرَافعةٍ له.
قَرأت في مقدمة كِتَابك “مَازلتُ صَغِيرَة فِي مدرسة الحياة وَلَا يزال للعمر بقيّة لِجولات من الحبّ والحرب ” أتعلَمِينَ مَا هو الذيُّ يَجمع بينهما؟ عيناكِ..
عَزِيزَتِي، ملامحك السَّمْرَاء الْحَادة فَاتنة جِدًا والاسود عليك يَلِيقُ كَثِيرًا، ومن الظّلم أَن يُسْتخدم هَذَا اللَّون فِي العزاءات. مُحَاميتي، أنت لَا تحتاجِينَ للأدلة وَلَا لِشَاهدي عيانٍ لإِثبات صدق مَا تَقُولِيه لحضرة الْقَاضِي فِي كُل قضية..
فأنت الحقيقة الثابتة ما إنّ بُنيَ الْحبّ على قدسية عينيك.]
تَنَفّستُ الصُّعداء، وكغير عادة قمت بالرّد عليه وَكُلِّي ثقة أنه أَمْثَالُ من سبقوه الذين تاهوا فِي طَرِيقِ الوصول إِلَيَّ.
[مَرْحَبًا “فارس”
أَنَا ريم
قرأت رسالتك فإبتسمتُ مَرَّةً وَحزنت مرتين، إِبْتَسَمْتُ بفطرة الأنثى الَّتِي يُسُرُّهَا سَمَاع كَلِمَاتِ الغزل وإن حاولَت إخفاء ذلك، وحزنت مرتين الأُولَى عليك وَالثَّانِية عَلَيَّ، إِنَّهَا لعنة الجمال يا ولدي، اللّعنة التي تقتل الجميع وتُصِيبكُم بِمَرَضِ العِشْقِ، وَتُصِيبُ النِّسَاء بمرض الغيرة والحقد، وَتُصيبني بمرض الوحدة، يتسابق الجميع إِليها لكنهم يبقون في ميدان السباق وَلَا يستطيع أَحَدٌ الوصول إليها أبدًا
بقلم الأديبة ريم زيتون