في ظل التحديات البيئية المتزايدة عالميًا، بدأت موجة جديدة من التغيير تشق طريقها بهدوء في الإمارات، تقودها سيدات إماراتيات قررن أن تكون الموضة أداةً للوعي، لا مجرد استهلاك.
موضة صديقة للبيئة، محلية الجذور، وعالمية الطموح… هذا هو العنوان العريض لمبادرات رائدة تقودها مصممات إماراتيات شابات، اخترن صناعة الأزياء كساحة لتغيير السلوكيات وتحفيز الاقتصاد الأخضر.
من الرفاهية إلى المسؤولية
في السنوات الأخيرة، باتت صناعة الأزياء تواجه انتقادات لاذعة بسبب تأثيرها الكبير على البيئة، من استنزاف الموارد المائية إلى التلوث الصناعي. إلا أن مصممات إماراتيات قدمن بديلاً أنيقًا، يتمثل في استخدام الأقمشة العضوية، الجلود النباتية، وإعادة تدوير المواد الخام بطريقة فنية تراعي الذوق والبيئة معًا.
تقول الدكتورة مهرة لطفي، التي تمثل الإمارات في محافل الجمال والاستدامة، إن التغيير يبدأ من التصميم، وقد أطلقت بالفعل تعاونًا مع علامة “Virgio” التي تقدم ملابس مصنوعة من مواد قابلة للتحلل، ضمن بيئة إنتاج تحترم المعايير الأخلاقية.
مشاريع محلية برؤية عالمية
من بين الأسماء اللامعة، برزت الشقيقتان حصة وأمنة الدحيل، واللتان أطلقتا مشروعًا مبتكرًا لتصنيع الإكسسوارات والحقائب باستخدام جلود نباتية مستخرجة من الصبار والعنب. مشروعهما لا يقدم فقط منتجًا صديقًا للبيئة، بل يؤكد على دور المرأة الإماراتية في ريادة الابتكار.
أما علامة Nomad الإماراتية، فاعتمدت على الأقمشة المعاد تدويرها والتصاميم المستوحاة من طبيعة الإمارات الصحراوية. وقد لاقت تصاميمها رواجًا واسعًا في معارض الموضة المستدامة.
وفي بُعد آخر، تهدف مبادرة Zay Initiative إلى توثيق تاريخ الأزياء العربية التقليدية وتحفيز المصممات على استلهام تصاميم عصرية تراعي البيئة، في دعوة لدمج التراث مع المستقبل.
وعي استهلاكي متنامٍ
تشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من المستهلكين في الإمارات، وخاصة الشابات، يفضلن شراء منتجات أزياء ذات بصمة بيئية منخفضة. وقد بادرت علامات مثل Sauce وTryano إلى إدخال تشكيلات صديقة للبيئة ضمن معروضاتها، استجابةً لهذا التوجه الواعي.
تحديات وفرص
رغم المبادرات المميزة، لا تزال هناك تحديات أمام هذه المشاريع، أبرزها التكلفة المرتفعة للمواد المستدامة، وصعوبة إيجاد موردين محليين يتماشون مع المعايير البيئية. ومع ذلك، ترى المصممة موزة الأحبابي أن هذه العقبات “ليست إلا محطات صبر قبل تحقيق الأثر”، مؤكدة أن الأزياء المستدامة “هي التزام أخلاقي قبل أن تكون خيارًا تجاريًا”.
في بلد يقود الريادة على مستوى العالم العربي في مجالات التكنولوجيا والبيئة، تبرز الموضة اليوم كمساحة جديدة للإبداع المسؤول.
السيدة الإماراتية لم تعد مجرد مستهلكة للأناقة، بل أصبحت صانعة لتيار جديد يحمل في طياته الأمل… وشيئًا من الخُضرة.