منذ مطلع حزيران 2025 وحتى منتصف آب، تحوّل لبنان إلى مسرح لسلسلة متتالية من بلاغات اختفاء فتيات ونساء وأطفال. أكثر من 19 حالة موثَّقة نُشرت صورها على صفحة قوى الأمن الداخلي، موزعة على بيروت، طرابلس، البقاع، جبل لبنان، وعكار. وبينما تؤكد الأجهزة الأمنية أن معظم هذه الحالات مرتبطة بظروف شخصية أو عائلية، لا تزال الرأي العام يرى في التكرار الكثيف للبلاغات مؤشرًا على خطر أكبر، يتراوح بين العنف الأسري، الهروب، الاتجار بالبشر، أو الخطف لأغراض الفدية.
قائمة بالحالات المعلنة (حزيران – آب 2025):
بيروت وجبل لبنان
- ليال عصام القوزي – مفقودة منذ 24-06-2025، من زقاق البلاط/بيروت.
- رنا رشيد عثمان – تغيبت منذ 01-03-2025 (التعميم صدر في حزيران)، من الأشرفية/بيروت.
- فرح حسين بسما – مفقودة منذ مطلع آب، من طريق الجديدة/بيروت.
- ناتالي زكريا سكرية – 01-08-2025، من حارة الناعمة/جبل لبنان.
- ماريبيل أنطوان أبو خليل – 20-07-2025، من ضهور العباديّة/عاليه.
- نور مجيد طانيوس – 18-07-2025، من بكفيا.
- حنان سمير السيطري – 07-06-2025، من برجا/الشوف.
- رزان شعبان عاقولة (1985) مع طفليها هاني (2018) وأيان (2022) – 27-06-2025، من بشامون (حالة أم وأولادها).
البقاع
- سهيلة أحمد العيط – 15-07-2025، من حيّ الصلح/بعلبك.
- مريم رمضان رمضان – 02-07-2025، من بعلبك.
- آية محمد سعيد صلح – 15-07-2025، من بعلبك.
- فيفيان وسام شمص – 21-05-2025، من الكنيسة/بعلبك.
- نجلاء أحمد عامر – 23-07-2025، من عرسال.
الشمال (طرابلس والميناء وزغرتا)
- راغدة محمد لاغا – 26-06-2025، من القبة/طرابلس.
- سالي إبراهيم بلقيس – 17-06-2025، من التبانة/طرابلس.
- آية عبد الرزاق السبقجي – 06-07-2025، من الميناء/طرابلس.
- شيماء راتب اليخني – 14-08-2025، من مجدليا/زغرتا.
حادثة خطف مؤكدة!
في 12 تموز 2025، نجحت شعبة المعلومات في تحرير فتاة استُدرجت من بيروت بعد أن انتحل الجاني صفة أمنية. العملية انتهت بإلقاء القبض على الخاطف في شمال لبنان. هذه القضية الوحيدة حتى الآن التي أكّدت الأجهزة الأمنية أنها خطف جنائي موثق، بينما بقية التعميمات بقيت تحت إطار “مفقود/مفقودة” دون تفاصيل علنية عن أسباب الاختفاء.
الأسباب:
من خلال مراجعة البلاغات والبيانات الحقوقية:
- عنف منزلي وهروب: كثير من الحالات لقاصرات أو شابات بعمر 15–20 عامًا، ووفق وزارة الشؤون واليونيسف، 45% من حالات غياب القاصرين في لبنان مرتبطة بالعنف الأسري.
- زواج قسري وخطف للزواج: خاصة في البقاع والمناطق الريفية، حيث تتكرر حالات خطف الفتيات للزواج.
- الاستدراج الرقمي: قوى الأمن سجّلت ارتفاعًا في استغلال مواقع التواصل لاستدراج القاصرات، وهو ما يفسر بلاغات الفتيات الصغيرات.
- الابتزاز والفدية: ازدياد هذه الحالات بين 2021 و2022 يعكس خطورة اقتصادية؛ الأسر الغنية تصبح أهدافًا محتملة.
- الاتجار بالبشر: لبنان يُعد بلدًا مصدرًا وعبورًا، خصوصًا مع ضعف الرقابة على الحدود.
فجوة الثقة بين الناس والدولة
بيانات الأمن الداخلي تنفي وجود “عصابات منظّمة”، لكن الرأي العام لم يقتنع، خاصة مع تداول التعميمات شبه اليومية. هذا الخلل في الثقة يُفاقم حالة الهلع، ويُنتج شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعزّز الشعور بغياب الأمان.
البعد الاجتماعي والسياسي
- انهيار اقتصادي يزيد هشاشة الأسر، ما يدفع الأطفال والنساء للهروب من بيئة قاسية.
- شلل قضائي يعيق سرعة التحقيقات والمتابعة.
- ضعف برامج الحماية للأطفال والنساء في بلد بلا شبكة أمان اجتماعي.
توصيات:
ظاهرة بلاغات الاختفاء في لبنان تعكس أزمة متعددة الأوجه: اجتماعية، اقتصادية، وأمنية. المعالجة تتطلب:
- إصلاح أمني وقضائي يعزز سرعة التحقيقات والشفافية في نتائجها.
- إطلاق برامج دعم أسري ونفسي، خصوصًا للمراهقين.
- تحديث تشريعات حماية المرأة والطفل من العنف والزواج القسري.
- شراكة بين الإعلام والأمن لتقديم صورة دقيقة وتجنّب تضخيم الشائعات.
فبين بلاغ اختفاء وآخر، يبقى السؤال المعلّق: هل نكتفي بتطمينات رسمية، أم نبادر إلى مواجهة جذرية لواحدة من أخطر أزمات المجتمع اللبناني؟
جميع المعلومات الواردة في هذا المقال مستندة إلى بيانات رسمية صادرة عن قوى الأمن الداخلي في لبنان أو تقارير إعلامية منشورة وموثوقة. الغرض من هذا التحقيق الاستقصائي هو التوعية العامة وتسليط الضوء على ظاهرة اجتماعية – أمنية تهم الرأي العام، دون توجيه أي اتهامات فردية أو جماعية.
لا يتحمل موقع المسمار أي مسؤولية قانونية عن دقة أو اكتمال المعلومات الواردة في المصادر المشار إليها، ويُعتبر المرجع الرسمي الوحيد للتحقق هو الجهات القضائية والأمنية المختصة.