مع التطور السريع في العالم الرقمي، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تؤثر على طريقة تواصلنا، عملنا، وحتى صحتنا النفسية. ورغم الفوائد العديدة التي تقدمها، إلا أن الاستخدام المفرط لها قد يكون له آثار سلبية على الصحة العقلية. في هذا المقال، سنتناول التأثيرات الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا على الصحة النفسية، مع تقديم استراتيجيات عملية لتحقيق التوازن في استخدامها، وذلك بالاستناد إلى آراء المعالجة النفسية كلثوم متيرك، اخصائية علم النفس المعتمدة.
الفوائد النفسية للتكنولوجيا
1. تسهيل التواصل والدعم الاجتماعي:
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الفورية منصات أساسية للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، مما يعزز الشعور بالانتماء ويقلل من الشعور بالوحدة. كما توضح كلثوم متيرك أن هذه المنصات يمكن أن تكون أداة فعالة لتوفير الدعم النفسي، خاصة للأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية.
2. زيادة الوعي بالصحة النفسية:
ساهمت التكنولوجيا في نشر الوعي حول قضايا الصحة النفسية، من خلال منصات تعليمية، ومقالات علمية، وتطبيقات متخصصة تقدم نصائح وتقنيات علاجية، مثل التأمل واليقظة الذهنية. وفقًا لكلثوم متيرك، فإن هذه الأدوات تساعد في تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية.
3. توفير الوصول إلى العلاج النفسي عن بُعد:
مع ظهور تقنيات العلاج عبر الإنترنت، أصبح من السهل الوصول إلى مختصين نفسيين دون الحاجة إلى الحضور الشخصي. كلثوم متيرك تؤكد أن هذه الخدمات توفر فرصًا كبيرة للأشخاص الذين يعيشون في مناطق نائية أو يجدون صعوبة في الذهاب إلى العيادات النفسية.
4. دعم التعلم وتطوير المهارات:
تساعد الدورات التدريبية عبر الإنترنت والكتب الإلكترونية في تطوير المهارات الفكرية والمهنية، مما يعزز الثقة بالنفس ويقلل من مشاعر القلق المرتبطة بعدم الإنجاز. كلثوم متيرك تشير إلى أن هذه الأدوات يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص للشباب الذين يسعون لتحسين مهاراتهم.
5. المساعدة في إدارة التوتر والقلق:
توفر بعض التطبيقات أدوات للتحكم في التوتر، مثل تمارين التنفس العميق، والتأمل، وتقنيات العلاج السلوكي المعرفي، التي تساعد في تقليل القلق وتحسين الصحة النفسية. كلثوم متيرك تنصح باستخدام هذه التطبيقات كجزء من روتين يومي لتعزيز الصحة العقلية.
المخاطر النفسية للتكنولوجيا
1. الإدمان الرقمي وتشتت الانتباه:
يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية إلى الإدمان الرقمي، مما يؤثر على التركيز والإنتاجية. كلثوم متيرك تحذر من أن قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات قد يؤدي إلى صعوبة في الانتباه وانخفاض في القدرة على إنجاز المهام اليومية.
2. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تقدير الذات:
المقارنة المستمرة مع حياة الآخرين على منصات التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس وزيادة مشاعر القلق والاكتئاب. كلثوم متيرك تشير إلى أن التعرض للصور المثالية والمحتوى غير الواقعي يمكن أن يخلق شعورًا بعدم الكفاءة.
3. اضطرابات النوم:
التعرض المستمر لشاشات الأجهزة قبل النوم يؤثر على إنتاج هرمون الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم النوم، مما يؤدي إلى صعوبة في النوم واضطرابات تؤثر على الصحة العقلية والجسدية. كلثوم متيرك تنصح بتجنب استخدام الأجهزة قبل النوم بساعة على الأقل.
4. العزلة الاجتماعية:
على الرغم من أن التكنولوجيا تسهل التواصل، إلا أنها قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية إذا تم الاعتماد عليها بشكل مفرط. كلثوم متيرك تؤكد أن التفاعل الواقعي يظل ضروريًا لتعزيز الروابط الاجتماعية الحقيقية.
5. زيادة مستويات التوتر والقلق:
الاستمرار في متابعة الأخبار السلبية والتعرض للمحتوى المحبط قد يؤدي إلى زيادة مستويات القلق والتوتر. كلثوم متيرك تشير إلى أن “الإرهاق المعلوماتي” يمكن أن يسبب ضغطًا نفسيًا كبيرًا.
استراتيجيات تحقيق التوازن في استخدام التكنولوجيا
لمواجهة التأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الصحة النفسية، تقدم كلثوم متيرك عدة استراتيجيات عملية:
1. تحديد وقت مخصص لاستخدام الأجهزة الرقمية: يمكن تحديد فترات يومية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مع تخصيص أوقات محددة للابتعاد عن الشاشات.
2. ممارسة أنشطة غير رقمية: مثل القراءة، الرياضة، أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء دون الاعتماد على التكنولوجيا.
3. تقليل التعرض للمحتوى السلبي: من خلال اختيار مصادر معلومات موثوقة والحد من استهلاك الأخبار السلبية والمحتوى المثير للقلق.
4. استخدام وضع “عدم الإزعاج”: لإيقاف الإشعارات أثناء العمل أو قبل النوم لتعزيز التركيز وتحسين جودة النوم.
5. الاستفادة من التطبيقات الإيجابية: هناك العديد من التطبيقات التي تساعد في التحكم في وقت الشاشة وتعزيز الوعي الرقمي، مثل التطبيقات التي تحسب الوقت الذي تقضيه على هاتفك يوميًا.
المصادر:
1. كلثوم محمود متيرك. معالجة نفسية وناشطة إجتماعية
2. الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA). (2023). “تأثير التكنولوجيا على الصحة العقلية”.
3. منظمة الصحة العالمية (WHO). (2022). “الإرشادات العالمية للاستخدام الصحي للتكنولوجيا”.
5. دراسة حديثة حول الإدمان الرقمي (2023). “التأثيرات النفسية للاستخدام المفرط للتكنولوجيا”. جامعة هارفارد.
فريق التحرير