مع اقتراب نهاية المهلة المحددة للانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، يستمر الاحتلال الإسرائيلي في تجاوز كل الحدود الإنسانية والقانونية، ممعناً في انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار. لا تقتصر هذه الانتهاكات على القتل والخطف، بل تشمل تدمير المنازل وتشويه الأرض والإنسان، في مسعى مستمر لكسر إرادة الحياة لدى أهل الجنوب اللبناني، وعرقلة كل محاولة إنسانية تهدف إلى تخفيف معاناتهم أو إعادة الأمل في غدٍ أفضل.
تفجير المنازل في كفركلا وميس الجبل
اليوم، كما في الأيام السابقة، تجددت مشاهد الموت والدمار في كفركلا وميس الجبل، حيث واصلت قوات الاحتلال تنفيذ عمليات تفجير للمنازل. وقد دخلت اليوم منطقة حرش سدانة دائرة التدمير، حيث توغلت فيها القوات الإسرائيلية صباحاً ثم انسحبت منها مساءً، بعد أن دمرت ثلاثة منازل بالكامل، وفقًا لما نقله مراسل موقع المسمار. في الوقت نفسه، استهدفت قوات الاحتلال بالقصف المدفعي الوادي الذي يفصل بين بلدتي ميس الجبل وحولا، لتزيد من معاناة الأهالي الذين يعيشون في ظروف صعبة في ظل الخوف والدمار المتواصل.
عرقلة وصول فرق الإنقاذ
في ظل تصعيد العدوان، لم يكتفِ الاحتلال بتدمير المنازل وتهجير السكان، بل تجاوز ذلك إلى منع فرق الإنقاذ من الوصول إلى مناطق الاشتباك لتقديم العون للمدنيين. فقد رفضت القوات الإسرائيلية دخول الجيش اللبناني والصليب الأحمر الدولي إلى وسط بلدة حولا، حيث كان من المقرر إجلاء جثمان الشهيدة خديجة عطوي التي استُشهدت اليوم برصاص الاحتلال. كما كان الهدف من دخول فرق الإنقاذ هو تحرير المواطنين المحاصرين في البلدة، وفي مقدمتهم شقيقة الشهيدة. ومع حلول الليل، طالبت بلدية حولا من الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” والصليب الأحمر الدولي التدخل السريع لتسهيل عملية الإجلاء الفوري وتوفير مأوى للمتضررين، محذرة من أن الظروف ستصبح أكثر قسوة إذا استمرت هذه المماطلة.

التحديات التي واجهت فرق الدفاع المدني
في هذه الظروف القاسية، واصل رجال الدفاع المدني أداء مهماتهم الإنسانية بكل تفانٍ وإصرار. فقد تمكنوا من نقل جريحين إلى مستشفى تبنين الحكومي بعد تعرضهما لإصابات إثر الاعتداءات الإسرائيلية في بلدة حولا. لكن عملية النقل لم تكن سهلة، فقد اضطرت الفرق إلى السير على الأقدام للوصول إلى المصابين بسبب منع قوات الاحتلال دخول سيارات الإسعاف. هذا الحصار القاسي يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها المدنيون والعاملون في المجال الإنساني على حد سواء، في ظل حرب تزداد وحشية يومًا بعد يوم.
الاعتداءات المباشرة على الأهالي في حولا
لم تتوقف الاعتداءات عند تفجير المنازل وعرقلة فرق الإنقاذ، بل تجاوزت ذلك إلى إطلاق النار المباشر على الأهالي في بلدة حولا، ما أسفر عن استشهاد مواطنة. كما قامت القوات الإسرائيلية بخطف خمسة مواطنين من البلدة، لتطلق سراح بعضهم في وقت لاحق بعد تعرضهم للاحتجاز والتهديد. هذه الجرائم تؤكد مرة أخرى مدى قسوة العدوان الإسرائيلي واستمراره في استهداف الأبرياء وتدمير حياة المدنيين بشكل ممنهج.
الغارات الجوية على منطقة البقاع
ومع توسع رقعة العدوان، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على خراج بلدتي حلبتا وحربتا وعلى أعالي الجرود الممتدة بين بلدتي فلاوى وبوداي غربي بعلبك. ورغم أن هذه الغارات لم تسجل إصابات مباشرة، فإنها أدت إلى زيادة حالة الذعر والخوف بين السكان الذين يواجهون خطرًا مستمرًا دون أفق لحل قريب. الطائرات الحربية، التي لا تتوقف عن القصف، تزيد من معاناة اللبنانيين الذين يعيشون بين أنقاض بيوتهم وعلى أطلال حياة محطمة.
المأساة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم
ما زالت مأساة الشعب اللبناني تتفاقم يومًا بعد يوم في ظل هذا العدوان الإسرائيلي المستمر. تهدم المنازل، يسقط الشهداء، ويعيش الأهالي في حالة من الترقب والخوف الدائم. ولكن رغم هذا الوضع المأساوي، تظل هناك محاولات إنسانية بائسة لتخفيف معاناة المواطنين وتقديم العون لهم، رغم كل القيود التي يفرضها الاحتلال.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيستمر هذا الوضع المأساوي؟ وإلى متى سيظل اللبناني يشهد على هذه الانتهاكات المستمرة دون أن يكون له دور فاعل في وقف هذا العدوان؟
فريق التحرير