عقرب تسلق جسدي حتى وصل الى أمام الرمش الاسفل لعيني اليمنى و قف مستنفراً من دون حراك ينتظر لحظة الأمر، لحظة اللدغ ، ينظر في حدقة عيني، في ثقب عيني الاسود رافعاً الابرة السامه الى الأعلى ، كماشته لا تبعد عن قرنية العين اكثر من سماكة شعرة واحدة…
تسمرت في مكاني، انا الممددة على السرير منذ قرن من الزمن، لا أمل لي بالحراك ولا امل لي بانتفاضة حركة سريعة لأنفض فيها العقرب لتعود لي الحياة ولاسترد عمري الحقيقي…
آه يا قلبي كيف تنتصر السلطة؟!
لا امل بالحراك ولا امل بانتفاضة، فات الامل وفات الاوان، خفقات قلبي السريعة تعدت بسرعتها سرعة الصوت وربما ايضا سرعة الضوء…
متسمرة في مكاني كصخرة بركانية قديمة، ألفظ انفاسي الأخيرة برعب غير قادرة ان ادعو لله في قلبي كي لا اربك بدعائي هذا العقرب الأسمر، غير قادرة على الدعاء وغير قادرة على الاستنجاد، جامدة جسدا وفكرا وروحاً، جامدة فوق لغم من سمّ وفوق بركان من رعب، اوّل خطأ مني بمثابة آخر خطأ في حياتي، على مسافة شعرة او ادنى من موت محتّم.
لا نتبادل النظرات،لا اجرؤ على إزعاجه بإحساس بصري كي لا يغضب، يراني كيفما يشاء ولا أراه الا نسخة طبق الاصل عن السلطة و الموت…
في غفلة من الزمن انتبهت لبدء نشرة الأخبار من راديو عتيق بقربي اهداني اياه رفيق قتله مجهولون، راديو ينظف الاخبار عادة لا يبث ما يزعج الرفاق ،يعمل لوحده من دون إذن من كهرباء ومن دون احترام لقوانين الفيزياء ومن دون خضوع لبث سمعي ومن دون اخذ بالاعتبار لطقس او لمناخ…
خلت اني والعقرب اخوة درب على خصام وعلى عداء، نستمع لنشرة الاخبار معاً.
قال المذيع بلهجة لبنانية مائعة كمثلي جنسي يتمتع باعتراف وحصانة منظمة الصحة العالمية بالحرية الصحية النفسية، سمعناه معاً يقول ان البلاد ستدخل في زمن اسود ماليا، ان لا بدّ من انتصار الراسمال، حسب اقوال وزير اميركي اسمه بومبيو لا اعرف اي حقيبة في حكومته يحمل انما أعرف ان العقرب الاسمر وعند سماعه للتهديد الاميركي تراجع وانسحب واختفى في خشب سريري او في بلاط المنزل او هجر بيتي تلقائياً.
من تعاطفه عرفت، ان العقرب الاسمر ما كان الا رفيقي …
دبت الحياة كدم متنقل في شراييني، اختبرت يدي اليسرى فتحركت واختبرت رجلي اليمني فتحركت اغلقت وفتحت عيناي مرة ومرتين وعشر مرات ونهضت، ما زلت حيّة أُرزق في عالم يهلك، قمت عن سريري كحيةترزق لابحث عن العقرب الاسمر ، تكفي لحظات سريعة لتقع في غرام عقرب اسمر رفيق ،عطف عليّ وسامحني عندما ادرك ما ننتظره كلبنانيين من رعب اعظم من كماشته ومن ابرته السامة عند اعلى ذيله، كانت رسالته ان نكمل النضال وان نكمل الطريق…
الا اني بحثت عنه لأرجوه في المرة القادمة ان لا يتراجع وان لا ينسحب فمن الحب ما قتل…
منمشي ومنكفي الطريق…
بقلم الأستاذة ميساء الحافظ