في ظل تصاعد التوترات الطائفية في سوريا، تشهد البلاد موجة جديدة من العنف الدامي، حيث اندلعت اشتباكات بين الموالين للنظام السابق ومجموعات معارضة، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وتأتي هذه الأحداث في أعقاب تقارير تفيد بأن عناصر موالية للرئيس السابق بشار الأسد قاموا بنصب كمين وقتلوا أعضاء من “هيئة تحرير الشام”، الجماعة المتمردة التي لعبت دورًا رئيسيًا في الإطاحة بالزعيم السوري السابق.
خلفية الأحداث
وفقًا لتقارير إعلامية، بدأت الهجمات هذا الأسبوع بعد أن انتشرت أنباء عن مقتل أعضاء من “هيئة تحرير الشام” على أيدي عناصر موالية للأسد. وقد ردت المجموعات المعارضة بعمليات انتقامية، مما أدى إلى تصاعد العنف في مناطق عدة، بما في ذلك مدينتا اللاذقية وطرطوس، المعروفتان بتواجد كبير للطائفة العلوية.
تقارير عن انتهاكات مروعة
أظهرت مقاطع فيديو منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد عنف مروعة لعملية تطهير طائفية، بما في ذلك قتل وإعدم مدنيين وأسرى من الطائفة العلوية على أيدي مسلحين وبدم بارد. في أحد المقاطع، يظهر رجل يرتدي زيًّا عسكريًا وهو يطلق النار على جثة هامدة بينما يصرخ: “هؤلاء العلويين الخنازير”. وفي فيديو آخر، يُرى مسلح يطلب من أسير أن ينبح مثل الكلب قبل أن يقتله.
وهذا ما يعكس حالة من الفوضى والعنف الطائفي الذي يهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي السوري. وقد انتشرت مقاطع أخرى تظهر قوافل من الرجال المسلحين يتجهون نحو مدن ساحلية، مما يزيد من حدة التوترات.
ردود الفعل الرسمية
من جانبها، نفت الحكومة السورية الجديدة، تورطها في هذه الأحداث. وقال مصدر حكومي لوسائل الإعلام الرسمية إن “انتهاكات فردية” قد ارتُكبت بعد أن سافرت “حشود كبيرة وغير منظمة” إلى المنطقة. وأضاف المصدر أن الحكومة تحقق في هذه الحوادث وستتخذ الإجراءات اللازمة ضد المسؤولين عنها.
ومع ذلك، أعلنت الحكومة السورية أن ما لا يقل عن 150 من عناصر قواتها الأمنية قُتلوا، وتم أسر 300 آخرين في اشتباكات مع الموالين للأسد منذ يوم الخميس الماضي.
ردود فعل وشهادات لفنانون سوريين
خرج الممثل السوري بشار إسماعيل عن صمته مُوجهًا رسالة قوية إلى الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وذلك في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري، وخاصة في مدينته جبلة، حيث لقي 15 فردًا من عائلته وأصدقائه وأقربائه مصرعهم نتيجة التوترات المتصاعدة بين الحكومة السورية وفلول نظام بشار الأسد.
وفي تفاصيل رسالته، ظهر بشار إسماعيل في مقطع فيديو يقول فيه: “ذهبت إلى الساحل وشاهدت بنفسي مدى الحب الذي يكنه الشعب لك، وهم يهتفون باسمك وباسم سوريا”. وأضاف: “لكن للأسف، أكبر صفعة تلقاها هذا الشعب هي ما حدث في الساحل السوري خلال الأيام الماضية، وما ارتُكب من جرائم مروعة”.
وأشار إسماعيل إلى أنه فقد 15 من أقربائه وأفراد عائلته، محذرًا الرئيس أحمد الشرع من احتمال حدوث انقلاب ضده من قبل مؤيديه.

كما ظهرت الفنانة السورية نور علي في حالة تأثر شديد خلال مقطع فيديو نشرته عبر خاصية “الستوري” على إنستغرام، حيث روت الأحداث التي شهدتها مدينة جبلة في محافظة اللاذقية، بالتزامن مع التطورات الأخيرة في مناطق الساحل السوري. وأشارت إلى اقتحام مسلحين، بينهم أجانب وشيشان وسوريون تكفيريون، لمنازل المواطنين، مما تسبب في حالة ذعر بالمدينة.
وأكدت نور أنها كانت محاصرة مع عائلتها، وتعرضت لإطلاق نار من قبل أحد المسلحين أثناء محاولته سرقة سيارتها. وأعربت عن أسفها لتعرض جميع سكان البلدة، بغض النظر عن طوائفهم، للأذى، مؤكدة على خطورة الوضع الأمني.
واختتمت الفنانة بتأملها في قيام الأمن السوري باعتقال كل من يرفع السلاح تحت أي ذريعة، معربة عن رفضها لمحاولات إشعال الفتنة الطائفية التي تخدم مصالح أجنبية. وطالبت بحصر السلاح بيد الدولة فقط، لضمان استقرار وأمن البلاد.
تساؤلات حول المستقبل
تثير هذه الأحداث تساؤلات كبيرة حول مستقبل سوريا تحت الإدارة الجديدة، والتي بذلت جهودًا لتصوير نفسها كبديل ديمقراطي للنظام السابق.
ويبدو أن البلاد تواجه تحديات جسيمة في تحقيق المصالحة الوطنية، خاصة في ظل استمرار الانقسامات الطائفية والعنف الذي يهدد بإعادة إنتاج دورة الدماء التي عانت منها سوريا على مدى السنوات الماضية.
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل سوريا غامضًا، حيث تواجه البلاد تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار وإنهاء العنف الطائفي الذي يهدد بتفكيكها أكثر من أي وقت مضى.
المصادر
1. تقارير موقع المسمار حول الأحداث في سوريا.
2. تصريحات حكومية سورية نقلتها وسائل الإعلام الرسمية.
3. مقاطع فيديو منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
فريق التحرير