“كاستنغ أمني” هي أول مسرحية تخرجها جوزيان بولس، المنتجة، الممثلة، الكاتبة، ومديرة مسرح مونو، والتي قدمت عملًا لاقى استقبالاً جماهيريًا لافتًا بفضل اختيارها الموفق لطاقم التمثيل. العنوان وحده يحمل دلالة قوية على النجاح، حيث كان اختيار الممثلين جلال الشعار وعلي بليبل حجر الزاوية الذي قامت عليه المسرحية.
العمل مستوحى من نص للكاتب جاك شامبوغ، وقد قام ديمتري ملكي بترجمته وتكييفه بما يتناسب مع السياق اللبناني. جوزيان بولس تعاملت مع النص بطابع ديناميكي لافت، حيث كان الأداء المسرحي يتميز بالاحترافية والقدرة على شد الانتباه. لم يكن هناك أي وجود لعنصر التهدئة في المسرحية، بل كان التحضير لمفاجآت صادمة يبرز بوضوح من خلال الأداء الرائع للممثلين.

جلال الشعار، الذي قدم شخصية الضابط العصبي، أظهر براعة في أداء الدور، حيث كانت حركاته استفزازية ولكنها معبرة في الوقت ذاته. بالمقابل، جاء دور علي بليبل كالشاب المغلوب على أمره، الذي يعكس قسوة الضابط بطريقة مأساوية، مما جعل التباين بين الشخصيتين محركًا أساسيًا للأحداث. تجسيد بليبل لدور الضحية كان اختيارًا في غاية التوفيق، إذ أضاف العمق للمسرحية وجعلها أكثر واقعية.
أسلوب جوزيان بولس في الإخراج كان واضحًا في طريقة اختيار الممثلين المناسبين للأدوار، ما ساهم في نجاح العمل. المخرجة عملت على ضمان أن كل ممثل يعكس الشخصية المعنية على أكمل وجه، وهو ما أظهر تألقهما في تقديم كل من الشخصيتين المتناقضتين. العفوية والوعي المتبادل بين الشعار وبليبل عززت من فعالية التفاعل بين الشخصيات، وجعلت الحوارات تتسم بالحدة والتوتر دون أن تفقد أي من طاقتها.
السياق العام للمسرحية كان ينطوي على مفاجآت دائمة، حيث دخل الضابط الشقة في سياق عمليات أمنية لمراقبة أحد قاطني المبنى، مما فتح الباب لتفاعلات مشحونة بينه وبين الشاب الذي اضطر للخضوع له. كانت المشاهد تتسم بالحيوية والتوتر، ما أبعد أي شعور بالملل أو الجمود. الحوارات جاءت بسيطة، لكن مشحونة بالقوة، إذ أن السرعة في النقاشات كانت تساهم في إبقاء الجمهور مشدودًا لأحداث المسرحية.
الديكور، رغم تواضعه، كان يعكس البيئة المناسبة للحدث، حيث أتاح للممثلين التحرك بحرية بما يعزز من تجسيد أدوارهم بصدق وعمق. هذا التناغم بين الأداء والإخراج قدّم عرضًا متكاملًا أثبت قدرة جوزيان بولس على إخراج عمل مسرحي يتسم بالإبداع والحرفية العالية.
فريق التحرير