في قلب المكان، حيث يلتقي المجد بالروحانية، يقف مقام السيد حسن نصرالله شامخًا متواضعًا كتحفة معمارية، تحمل في تفاصيلها معاني الثبات والوقار. صرحٌ ينبض بالجمال والهيبة ليشهد على إرث قائد خالد في ذاكرة الزمن، محفور في وجدان الامة، شاهد على مجد لا يزول.
تصميم معماري يعكس العظمة والتواضع
بني المقام باسلوب معماري يجمع بين الفخامة والبساطة ليعبر عن قيم الصبات والرسوخ. صممه المعماري وائل مصطفى حيث جسّد الصمود والتواضع، بينما تمنحه الزخارف والخط العربي بعدًا روحانيًا عميقًا، ليقف الحديد رامزًا للقوة والثبات. من منظور معماري، يتميز مقام السيد حسن بتصميم معماري يجمع بين الحداثة والطابع الإسلامي التقليدي، حيث تمتزج البساطة المعمارية مع الرمزية العميقة. يرتكز التصميم على بنية مفتوحة تعكس روح الشفافية والتواضع، مع توظيف الزخرفات الاسلامية والضوء لتعزيز الجمالية الروحية للمقام. فإن بساطة التصميم وسموّ المعنى يعكسان جوهر من اقيم له هذا المقام، فهو مقام لا يهدف الى التخليد بقدر ما يعبر عن قيم الزهد التي جسدها السيد حسن في حياته، مؤكدًا ان المقام ليس غاية، بل رمز مؤقت حتى يعود كل بيت عامرًا باهله، وكل عائلة الى منزلها المستحق، تمامًا كما وعد السيد وكما لا زلنا على العهد.
التكوين الهندسي والبنية المعمارية
يتكون المقام من هيكلٍ رباعي الأعمدة يحيط بالضريح، مما يرمز إلى الثبات والاستقرار لتمتد الأقواس المعمارية بزخارف هندسية مستوحاة من الفن الإسلامي وتضفي طابعًا روحانيًا. ان استخدام الحديد كمادة بناء في جميع تقاصيل هذا المقام لا تعكس الا مزيجًا بين الدفء الاسلامي التقليدي والحداثة المتقنة لتجعل التصميم اكثر حديثًا لكن متجذرًا في الارث المعماري الاسلامي.
مقامٌ يجسد شخصية السيد حسن بكل ما في التصميم من فخامة لا بل روحانية، ليؤكد المعماري وائل مصطفى في تحفته المعمارية ان العظمة الحقيقية تكمن في الارث والاثر لا في المادة والمعمار وحدهما.
مقام مؤقت خالد في ذاكرة الزمن
ليس المقام مجرد بناء معماري، بل شاهدٌ خالدٌ على مسيرة قائدٍ طبع بصمته في تاريخ الأمة. كل تفصيلة تحكي قصة، تعكس روح المكان على الرغم من بساطته ويؤكد أن الذكرى لا تموت، بل تعيش في القلوب والوجدان.
يستقطب مقام السيد حسن الزوار من مختلف الأماكن، ليس فقط بدافع الاحترام والتقدير، بل أيضًا بحثًا عن الإلهام والسكينة. فهو مساحة صغيرة فعليًا تفيض بالروحانية، تجتمع فيها القلوب على محبة من ترك أثرًا عظيمًا في مسيرة الزمن. مقام ليس سوى شاهدٍ مؤقتٍ على رحلة العطاء، إلى أن تكتمل المهمة في الجنوب والبقاع ويعود كل منزل مضيئًا بحياة أهله.
المقام من منظور المعمارية إسراء حسين عبود علامة
المقام أكثر من مجرد تحفة معمارية، فهو خلود، ذاكرة، وتاريخًا محفورًا في القلوب. لكنه في معناه الأعمق كما جسده المعماري وائل مصطفى رمزٌ للتواضع، ودعوةٌ للاستمرار في بناء ما هو أهم من بيوت الناس.
في هذا الصرح المعماري الفريد، حيث يتجلى الجمال في أبهى صوره، يلتقي الإبداع بالروحانية، ليرسم لوحةً معماريةً تنطق بلغة الفن الإسلامي الأصيل. هنا، بين جدران هذا المقام، تُحاك حكاية رجلٍ ترك إرثًا خالدًا، نقشته يد الزمن في سطور التاريخ، ليظل شاهدًا على عظمةٍ لا تُنسى.
تصمت الأرواح هنا، وتعلو همسات الدعاء، بينما يعانق السلام كل زاوية من زوايا هذا المكان. التفاصيل المعمارية الدقيقة، من الأقواس المنحوتة ببراعة إلى الزخارف التي تتناغم مع فنون الخط العربي، كلها تحمل في طياتها رسالةً من الماضي، تروي قصة إبداعٍ وإيمان.
هذا المكان ليس مجرد مبنى، بل هو تحفةٌ معماريةٌ تتنفس تاريخًا، وتُجسد روعة الحضارة الإسلامية في كل تفصيلٍ من تفاصيلها. إنه إرثٌ عظيم، حاضرٌ في كل حجرٍ وزخرفة، ليظل شاهدًا على عظمة ساكنه، وخالدًا في قلوب من يزوره.
بقلم الأستاذة إسراء حسين عبود علامة / مهندسة معمارية