في إنجاز علمي جديد، نجح معهد قطر لبحوث الطب الحيوي التابع لجامعة حمد بن خليفة في تطوير تقنية طبية مبتكرة تعتمد على تتبع حركة العين لتشخيص اضطراب طيف التوحد بسرعة ودقة عالية، حيث يستغرق الفحص أقل من 4 دقائق.
تعتمد التقنية على رصد خلل في حركة العين ناتج عن اضطراب في خلايا الدماغ المسؤولة عن التواصل البصري، وهو خلل شائع لدى أكثر من 95% من المصابين بالتوحد، ويُعد مؤشراً واضحاً لضعف التواصل البصري أثناء التفاعل الاجتماعي. وتتميز هذه التقنية بأنها لا تعتمد على خبرة فاحص معين، ما يمنحها دقة وثباتاً عاليين في التشخيص مقارنة بالطرق التقليدية.
قاد الدكتور فؤاد الشعبان فريق البحث في معهد قطر، الذي عمل لمدة 8 سنوات مع مستشفى كليفلاند كلينيك في الولايات المتحدة، حيث بدأوا بتطوير جهاز قادر على تشخيص التوحد خلال 10-15 دقيقة، ثم استمر العمل لمدة 3 سنوات إضافية لتطوير نسخة أسرع تصل إلى 4 دقائق فقط، وهي مدة مريحة تسمح للأطفال بإجراء الفحص دون إرهاق.
الجهاز يستخدم شاشة وكاميرا خاصة لرصد وتتبع حركة العين، ويغطي جميع الفئات العمرية من 4 أشهر وحتى البالغين، وقد خضع لتجارب سريرية شملت أكثر من 550 شخصاً وأثبت فعاليته ودقته التي تجاوزت 95%.
تشير التقارير إلى أن اضطراب طيف التوحد منتشر في قطر بنسبة 1.14% بين الأطفال، ويعتبر تشخيصه المبكر أساسياً لتحسين جودة حياة المصابين من خلال التدخلات الطبية والسلوكية المناسبة.
حالياً، التقنية جاهزة للتسويق التجاري، وتُجرى خطوات لإنشاء شركة متخصصة لتوفير الجهاز، الذي تبلغ تكلفته نحو 14 ألف دولار فقط، ما يجعله خياراً عملياً لمراكز الرعاية الصحية محلياً وعالمياً، خصوصاً في ظل فترات انتظار طويلة تصل أحياناً إلى عامين للحصول على تشخيص بالتقنيات التقليدية.
يؤكد الدكتور الشعبان أن هذه التقنية تمثل خطوة مهمة في تعزيز التشخيص المبكر، وبالتالي تسريع التدخلات العلاجية التي ترفع من فرص دمج المصابين في المجتمع وتحقيق تطورات وظيفية ملموسة.