في ظل الصراعات المسلحة التي تشهدها العديد من دول العالم العربي، يبرز التلوث البيئي كأحد أخطر الآثار الجانبية للحروب، حيث يُلحق ضررًا بالغًا بالصحة العامة ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان. لبنان وفلسطين، على سبيل المثال، تواجهان تحديات بيئية وصحية كبيرة نتيجة الحروب المتكررة، مما يجعل سكانها أكثر عرضة للتأثيرات السلبية للتلوث على الجينات والصحة العامة.
التلوث البيئي في مناطق الصراع: أزمة متعددة الأبعاد
تتسبب الحروب في تلوث البيئة بعدة طرق، منها انبعاث المواد الكيميائية السامة، وتدمير البنية التحتية، وتسرب النفط، واستخدام الأسلحة التي تترك آثارًا بيئية طويلة الأمد. في لبنان، أدت حرب تموز 2006 إلى تسرب آلاف الأطنان من النفط في البحر المتوسط، مما أثر على الحياة البحرية وصحة السكان. وفي فلسطين، تسببت الحروب المتكررة في تلوث التربة والمياه بسبب استخدام المواد الكيميائية والمتفجرات، مما أثر على الزراعة ومصادر المياه الصالحة للشرب.
تأثير التلوث الناجم عن الحروب على الجينات والصحة
تؤدي الملوثات الناتجة عن الحروب إلى تلف الحمض النووي (DNA)، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة الأخرى. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة *أبحاث الأورام والسرطان* (Oncology & Cancer Research Journal)، فإن التعرض للمواد الكيميائية السامة، مثل الديوكسينات والمعادن الثقيلة، يمكن أن يسبب طفرات جينية تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.
في لبنان، أظهرت دراسات أن السكان القريبين من مناطق الصراع يعانون من ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والسرطان بسبب تلوث الهواء والمياه. وفي فلسطين، يرتبط تلوث التربة والمياه بزيادة حالات السرطان، خاصة في المناطق التي تعرضت لقصف مكثف.
الهواء الملوث: خطر داهم في مناطق الصراع
يعد تلوث الهواء أحد أخطر الآثار البيئية للحروب. في لبنان، أدت الانفجارات العسكرية إلى انبعاث كميات كبيرة من الغبار والمواد الكيميائية في الهواء، مما أثر على جودة الهواء وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة. وفي فلسطين، يؤدي استخدام الأسلحة الكيميائية والمتفجرات إلى تلوث الهواء بالمواد المسرطنة، مما يعرض السكان لخطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والسرطان.
تلوث المياه: أزمة صحية وبيئية
تعد المياه الملوثة أحد أخطر الآثار البيئية للحروب. في لبنان، أدى تسرب النفط إلى تلوث مصادر المياه، مما أثر على صحة السكان وزيادة خطر الإصابة بالأمراض. وفي فلسطين، أدى تدمير البنية التحتية للمياه إلى تلوث مصادر المياه بالمعادن الثقيلة والمواد الكيميائية، مما زاد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة.
الوقاية: ضرورة ملحة في ظل الصراعات
على الرغم من صعوبة الوضع في مناطق الصراع، يمكن اتخاذ إجراءات وقائية لتقليل تأثير التلوث على الصحة. تشمل هذه الإجراءات:
– تحسين إدارة النفايات الخطرة لمنع تسرب المواد الكيميائية إلى البيئة.
– توفير مصادر مياه نظيفة وآمنة للسكان.
– مراقبة جودة الهواء وتنفيذ إجراءات للحد من التلوث.
– توعية السكان بمخاطر التلوث وطرق الوقاية من الأمراض.
دور المجتمع الدولي في مواجهة التلوث الناجم عن الحروب
يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في مساعدة الدول المتضررة من الحروب على مواجهة التلوث البيئي. يمكن ذلك من خلال تقديم الدعم المالي والفني لتنظيف البيئة، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الرعاية الصحية للسكان المتضررين.
المصادر:
1. منظمة الصحة العالمية (WHO) – تقارير عن تأثير الحروب على الصحة.
2. مجلة أبحاث الأورام والسرطان (Oncology & Cancer Research Journal) – دراسة حول تأثير التلوث الناجم عن الحروب على الجينات.
3. تقارير بيئية من لبنان وفلسطين حول تلوث الهواء والمياه.
4. دراسات حول تأثير المواد الكيميائية الناتجة عن الحروب على الصحة العامة.
فريق التحرير