أصدر مصرف لبنان المركزي قراراً يقضي بحظر التعامل المباشر أو غير المباشر مع عدد من المؤسسات المالية غير المرخصة، من بينها جمعية القرض الحسن التي ترتبط بحزب الله، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة المالية والتزام القوانين المحلية والدولية.
وتعتبر جمعية القرض الحسن من أبرز المؤسسات المالية التي يرتبط بها حزب الله اقتصادياً، حيث تأسست في ثمانينات القرن الماضي على شكل جمعية خيرية تقدم قروضاً بلا فوائد لدعم الفئات الفقيرة والمحتاجة في إطار تعزيز التكافل الاجتماعي، لكنها لا تخضع لقانون النقد والتسليف اللبناني.
وجاء في بيان صادر عن مصرف لبنان:
“يُحظر على المصارف والمؤسسات المالية التعامل بشكل كلي أو جزئي، مباشر أو غير مباشر، مع مؤسسات الصرافة غير المرخصة أو الجمعيات والهيئات غير المرخصة، ومن بينها جمعية القرض الحسن، وشركة سيدرز إنتر، وشركة الميسر للتمويل والاستثمار، وبيت المال للمسلمين، إضافة إلى مؤسسات وشركات وجمعيات أخرى مدرجة على قوائم العقوبات الدولية”.
ضغوط دولية وعقوبات أميركية
من جانبها، تتهم الولايات المتحدة جمعية القرض الحسن بأنها تُستخدم كغطاء من قبل حزب الله لإدارة أنشطته المالية وللوصول إلى النظام المالي العالمي، وقد فرضت واشنطن قيوداً على الجمعية منذ عام 2007.
وفي سياق متصل، شنت القوات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على لبنان التي انتهت باتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، غارات استهدفت فروع الجمعية في مختلف المناطق اللبنانية.
وجاء قرار مصرف لبنان عقب إعلان وزارة الخزانة الأميركية في 3 يوليو/تموز الجاري عن فرض حزمة جديدة من العقوبات على سبعة مسؤولين كبار وكيان مرتبط بالجمعية، متهمة إياهم بـ”تمكين حزب الله من تمرير أموال عبر النظام المالي اللبناني رغم العقوبات الدولية المفروضة”.
وتشمل العقوبات الأميركية تجميد أصول الأفراد والكيانات داخل الولايات المتحدة، ومنع المواطنين والمؤسسات الأميركية من التعامل معهم، إلى جانب فرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعاون مع هذه الكيانات، قد تصل إلى حظر دخولها النظام المالي الأميركي.
خطوة نحو مكافحة اقتصاد الظل
قال مسؤول لبناني مطلع إن قرار المصرف المركزي قيد الإعداد منذ عدة أشهر، ويأتي تحت ضغط أميركي متزايد على لبنان لاتخاذ إجراءات فعالة ضد الجناح المالي لحزب الله.
بدوره، اعتبر نسيب غبريل، كبير خبراء الاقتصاد في بنك بيبلوس، أن البنوك اللبنانية كانت تتجنب بالفعل التعامل مع جمعية القرض الحسن بسبب العقوبات الأميركية، مشيراً إلى أن الخطوة تعكس بداية جدية في مكافحة “اقتصاد الظل” الذي يعاني منه لبنان منذ سنوات.
وكان لبنان قد أُدرج في يونيو 2025 ضمن قائمة دول عالية المخاطر من قبل المفوضية الأوروبية بسبب قصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما وضعته مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) على “القائمة الرمادية” العام الماضي، مما ضاعف الضغوط على السلطات اللبنانية لتعزيز الشفافية والرقابة المالية.