في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة إحياء مدنها التاريخية المهددة بالاندثار، تستعد بلدة بيني الإيطالية، الواقعة في منطقة أبروتسو بوسط إيطاليا، لطرح دفعة جديدة من المنازل المهجورة للبيع مقابل يورو واحد فقط. يأتي ذلك ضمن برنامج أطلقته البلدة عام 2022 لوقف هجرة السكان واستعادة الحيوية إلى قلبها التاريخي.
ووفقاً لرئيس بلدية بيني، جيلبرتو بيتروتشي، سيتم طرح عدد محدود من العقارات خلال الأسبوعين المقبلين، مع اشتراط التزام المشترين بترميم وتطوير المنازل خلال ثلاث سنوات. وقال بيتروتشي لشبكة “سي إن إن” الأميركية: “لدينا أكثر من 40 مبنى شاغراً في المركز التاريخي للمدينة، وهي بحاجة إلى ملاك جدد لإعادة إحيائها”.
مشروع لإنقاذ مدينة من الاندثار
تعاني بلدة بيني، مثل العديد من القرى والبلدات الإيطالية الصغيرة، من انخفاض حاد في عدد السكان بسبب موجات الهجرة التي بدأت في سبعينيات القرن الماضي. فقد غادرت العائلات إلى دول مثل الولايات المتحدة وبلجيكا وفنزويلا، بالإضافة إلى المدن الإيطالية الكبرى بحثاً عن فرص عمل أفضل. ونتيجة لذلك، انخفض عدد سكان المركز التاريخي للبلدة من 1200 نسمة إلى نحو 1000 فقط، مما يهدد بتحولها إلى “مدينة أشباح”.
بيتروتشي، الذي ولد وترعرع في بيني، عبّر عن حزنه العميق لرؤية منازل طفولته مهجورة، قائلاً: “يؤلمني بشدة رؤية هذه المنازل خالية. إنه أشبه بجرح غائر في قلبي”. وأضاف أن برنامج بيع المنازل بسعر رمزي يهدف إلى جذب سكان جدد وإعادة إحياء التراث المعماري الفريد للمدينة، الذي يعود بعضه إلى العصور الوسطى وعصر النهضة.
تفاصيل البرنامج وشروط الشراء
منذ إطلاق البرنامج في عام 2022، تم بيع ستة منازل، معظمها لمواطنين إيطاليين. وتشمل الدفعة الجديدة منازل مشابهة لتلك التي بيعت سابقاً، وهي عبارة عن عقارات قديمة تحتاج إلى ترميم شامل. ويشترط البرنامج أن يلتزم المشتري بإعادة تصميم المنزل خلال ثلاث سنوات، مع تقديم البلدة دعماً كاملاً عبر فريق من المهندسين المعماريين والخبراء الذين يقدمون المشورة الفنية ويساعدون في إدارة عملية الترميم.
وقال بيتروتشي: “نقدم للمشترين رسومات توضيحية تظهر كيف سيبدو المنزل بعد الترميم، كما نساعدهم في العثور على مقاولين وتقديم التوجيهات طوال مراحل التجديد”. وتتراوح تكلفة ترميم منزل صغير إلى متوسط الحجم نحو 21 ألف دولار، وفقاً لتقديرات البلدية.
فرصة لاستعادة التراث
يعد برنامج “اليورو الواحد” في بيني جزءاً من جهود أوسع في إيطاليا لإنقاذ القرى والبلدات الصغيرة من الاندثار. وقد نجحت بلدات أخرى، مثل ساليمي وسامبوكا دي سيسيليا، في جذب اهتمام دولي عبر برامج مماثلة، مما ساهم في إعادة إحياء اقتصاداتها المحلية وتراثها الثقافي.
وبالنسبة للمشترين، فإن هذه المنازل ليست مجرد عقارات، بل فرصة لامتلاك قطعة من التاريخ الإيطالي العريق. ومع الدعم الكامل من بلدية بيني، يمكن لهذه المباني المهجورة أن تتحول إلى منازل عائلية مريحة أو حتى مشاريع سياحية صغيرة، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحوري واستعادة الحيوية إلى هذه البلدة التاريخية.
فريق التحرير