في الوقت الذي تتجه فيه أنظار عشاق كرة القدم إلى كأس العالم 2026، الذي سيُقام لأول مرة بمشاركة ثلاث دول – الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك – يبدو أن التحديات التي تواجه هذه النسخة الاستثنائية تتجاوز حدود الملاعب، لتلامس عمق التوترات السياسية والاقتصادية في أميركا الشمالية.
رياضة في عين العاصفة
كان من المفترض أن تكون استضافة كأس العالم فرصة للاحتفاء بروح التعدد والتعاون بين الدول الثلاث، إلا أن السياسات المتشددة التي تبناها الرئيس الأميركي السابق والمرشح المحتمل مجددًا، دونالد ترامب، ألقت بظلالها الثقيلة على هذه الشراكة الرياضية. بدءًا من فرض رسوم جمركية على واردات كندية ومكسيكية، وصولًا إلى تشديد سياسات الهجرة، كل ذلك جعل الحدث الكروي رهينة حسابات سياسية وتجارية معقدة.
كرة القدم كواجهة للهيبة الدولية
أصبحت بطولات كأس العالم في العقود الأخيرة أكثر من مجرد منافسات رياضية، بل منصة للدول لعرض قوتها الناعمة وتأكيد حضورها العالمي. ونسخة 2026، التي ستشهد مشاركة 48 منتخبًا لأول مرة، تمثل فرصة ذهبية لكل من واشنطن وأوتاوا ومكسيكو سيتي لتعزيز مكانتها، وجذب الاستثمارات والسياح.
لكن هذه الفرصة الاستثنائية تبدو اليوم مهددة، في ظل توتر العلاقات بين الشركاء الثلاثة. فقد تؤثر الخلافات السياسية على التنسيق اللوجستي بين الدول، بدءًا من منح التأشيرات إلى التعاون الأمني الضروري لحماية الجماهير والفرق.
الجماهير في مرمى السياسات
من أبرز التحديات التي تلوح في الأفق هي القيود المفروضة على السفر والتنقل، والتي قد تصعّب على الجماهير عبور الحدود بين البلدان المضيفة. كما أن رفع الرسوم الجمركية قد يرفع تكلفة الإقامة والمواصلات، مما يثقل كاهل المشجعين ويؤثر سلبًا على الحضور الجماهيري، أحد أعمدة نجاح البطولة.
الشكوك تحاصر الرعاة
الشركات العالمية التي ترى في كأس العالم فرصة للتسويق، بدأت تراقب المشهد بحذر. فتصاعد التوترات قد يدفع بعض الرعاة إلى التراجع أو تقليص حجم استثماراتهم، خاصة إذا ما طغى الطابع السياسي على أجواء الحدث الرياضي.
ما بين الأمل والقلق
رغم التحديات، ما زال الأمل قائمًا بأن تنجح الدول الثلاث في تجاوز الخلافات، وتحقيق تنظيم يليق بعراقة الحدث وأهميته. فالمونديال ليس فقط مناسبة للفرجة، بل دعوة لتجاوز الحدود، الجغرافية والسياسية على حد سواء.
في النهاية، تبقى كرة القدم رسالة توحد الشعوب، فهل تنجح في تخفيف حدة السياسة، أم تكون هذه النسخة من كأس العالم شاهدة على صدام الإرادات؟ الجواب قد تحمله صافرة البداية في صيف 2026.