في إطار التحقيق في ظاهرة المخدرات الرقمية التي بدأت تنتشر في العالم العربي، أجرى فريق موقع “المسمار” مقابلةً مع شاب لبناني يُدعى ج.ب، يبلغ من العمر 22 عامًا، ويعيش في بيروت. الشاب الذي وافق على مشاركة قصته بشرط عدم الكشف عن هويته الحقيقية، كشف عن تجربته مع المخدرات الرقمية والأسباب التي دفعته إلى تجربتها. هذه الظاهرة، التي تُعرف أيضًا باسم “Digital Drugs”، تعتمد على ملفات صوتية تُبث عبر الإنترنت، يُزعم أنها تُحدث تأثيراتٍ مشابهة لتأثيرات المخدرات التقليدية.
ما هي المخدرات الرقمية؟
المخدرات الرقمية هي ملفات صوتية تعتمد على تقنية تسمى “النغمات ذات الترددات الثنائية” (Binaural Beats). يتم بث ترددات مختلفة في كل أذن، مما يُحدث تأثيرًا على الدماغ يُشبه التأثير الناتج عن تعاطي المخدرات. يُزعم أن هذه الملفات يمكن أن تُسبب شعورًا بالاسترخاء أو النشوة، أو حتى الهلوسة في بعض الحالات.
انتشار الظاهرة في العالم العربي
بحسب تقارير إعلامية، بدأت المخدرات الرقمية تنتشر في العالم العربي، خاصةً بين الشباب الذين يبحثون عن تجارب جديدة ومثيرة. تُباع هذه الملفات عبر مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم الترويج لها على أنها آمنة وغير ضارة. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه الممارسات قد تحمل مخاطر صحية ونفسية كبيرة.
قال الدكتور خالد الصالح، أستاذ علم النفس في جامعة القاهرة، في تصريح لموقع “الشرق الأوسط”: “المخدرات الرقمية قد تُسبب اضطرابات في النوم، وقلقًا، وحتى نوبات هلع لدى بعض المستخدمين. كما أن الاعتماد عليها قد يؤدي إلى إدمان رقمي، حيث يصبح الفرد غير قادر على الاستغناء عن هذه الملفات.”
أسعار المخدرات الرقمية
تختلف أسعار المخدرات الرقمية حسب نوع التأثير المطلوب ومدة الملفات الصوتية. بحسب تقرير نشرته صحيفة “النهار” اللبنانية، تتراوح أسعار هذه الملفات بين 10 دولارات و50 دولارًا، مع وجود عروضٍ تشجيعيةٍ للمستخدمين الجدد. كما يتم تداول بعض الملفات مجانًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من انتشارها بين الشباب.
البداية: البحث عن الهروب
قال الشاب لفريق “المسمار”: “كنت أعاني من ضغوطٍ كبيرةٍ في حياتي، سواء في الدراسة أو في العمل. كنت أشعر بأنني محاصرٌ ولا أجد مخرجًا. في أحد الأيام، بينما كنت أتصفح الإنترنت، صادفت إعلانًا عن ملفات صوتية تُدعى ‘المخدرات الرقمية’. كان الإعلان يعد بتجربةٍ فريدةٍ من الاسترخاء والنشوة، فقررت أن أجربها.”
التجربة الأولى: “شعرت بشيء غريب”
ووصف الشاب تجربته الأولى مع المخدرات الرقمية قائلًا: “في البداية، شعرت بشيءٍ غريبٍ، كأنني أطفو في الهواء. كانت لديّ أحاسيس غريبة، وكأنني خارج جسدي. شعرت بالاسترخاء، لكن في نفس الوقت، كنت خائفًا بعض الشيء.”
الإدمان: “لم أستطع التوقف”
مع مرور الوقت، أصبح ج.ب معتمدًا على هذه الملفات الصوتية. قال: “كنت أستمع إليها كل ليلة قبل النوم. شعرت بأنني لا أستطيع النوم دونها. كانت وسيلتي للهروب من الواقع، لكنني بدأت ألاحظ أنني أصبحت أكثر توترًا خلال النهار.”
التأثيرات السلبية: “بدأت أعاني من نوبات هلع”
بعد عدة أشهر من الاستخدام المتكرر، بدأ الشاب يعاني من تأثيرات سلبية على صحته النفسية. قال: “بدأت أعاني من نوبات هلع، خاصةً عندما أكون في أماكن مزدحمة. كنت أشعر بالقلق طوال الوقت، ولم أعد أستمتع بالأشياء التي كنت أحبها.”
محاولة التوقف: “كان الأمر صعبًا”
قرر الشاب التوقف عن استخدام المخدرات الرقمية بعد أن أدرك تأثيراتها السلبية على صحته. قال: “كان الأمر صعبًا جدًا. كنت أشعر بالرغبة الشديدة في الاستماع إلى هذه الملفات، لكنني علمت أنني يجب أن أتوقف قبل أن تسوء حالتي أكثر.”
نصيحة للشباب: “لا تجربوها أبدًا”
في نهاية المقابلة، وجه الشاب ج.ب نصيحةً للشباب الذين يفكرون في تجربة المخدرات الرقمية: “لا تجربوها أبدًا. قد تبدو غير ضارة في البداية، لكنها يمكن أن تدمر حياتكم. هناك طرقٌ صحيةٌ للتعامل مع الضغوط، مثل ممارسة الرياضة أو التحدث مع الأصدقاء. لا تبحثوا عن الهروب في الأشياء التي قد تؤذيكم.”
قصة هذا الشاب هي واحدة من العديد من القصص التي تظهر مخاطر المخدرات الرقمية على الشباب العربي. في حين أن البعض قد يراها مجرد وسيلة للترفيه، إلا أنها تحمل مخاطر صحية ونفسية كبيرة يجب عدم تجاهلها. من خلال زيادة الوعي وتعزيز القيم الاجتماعية، يمكن مواجهة هذه الظاهرة والحفاظ على سلامة الشباب.
فريق التحرير