في عالم يزداد اعتماداً على الراحة والجلوس لفترات طويلة، أطلق طبيب أمراض القلب البارز في مركز “نيويورك لانغون”، الدكتور ستيفن ويليامز، تحذيراً صادماً يُعيد تعريف مفهوم الخمول وأثره على صحتنا. فقد كشف ويليامز أن الجلوس لفترات طويلة قد يكون بنفس خطورة التدخين على الصحة، وهو تشبيه يدفعنا لإعادة التفكير في عاداتنا اليومية وأسلوب حياتنا.
وفي حديثه لصحيفة “نيويورك بوست”، أوضح ويليامز أن الكثيرين يعتقدون أن الوقوف لفترات طويلة في العمل أو المكاتب يعني أنهم نشيطون، لكن الحقيقة مختلفة تماماً. فالنشاط الحقيقي لا يقتصر على مجرد الوقوف، بل يتطلب حركة مستمرة وجهداً بدنياً يُحفّز الجسم ويُعيد تنشيطه. وأكد أن الحركة الدائمة هي المفتاح الرئيسي لصحة أفضل، حيث تساعد في التحكم في الوزن، وتحسين مستويات ضغط الدم، وتعزيز الكوليسترول الجيد، وتقوية العظام.
لكن الخطر لا يقتصر على الجلوس وحده. فقد أشار ويليامز إلى أن الخمول يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب، السكري، الاكتئاب، وحتى بعض أنواع السرطان. والأكثر إثارة للقلق هو أن الدراسات الحديثة أظهرت أن الخمول يزيد من خطر الوفاة المبكرة، مما يجعله عادة قاتلة لا تقل خطورة عن التدخين. بل إن نمط الحياة المستقر، وفقاً لويليامز، أصبح يشبه التدخين من حيث تأثيره السلبي على الصحة العامة.
ولكن هل الوقوف لفترات طويلة هو الحل؟ الإجابة ليست بهذه البساطة. فقد حذّر الخبراء من أن الوقوف لفترات طويلة دون حركة قد يؤدي إلى عواقب صحية سلبية مماثلة لتلك الناتجة عن الجلوس. ولذلك، شدد ويليامز على أهمية الحركة المستمرة، مؤكداً أن رفع معدل ضربات القلب لمدة 10 إلى 15 دقيقة فقط يومياً يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في تحسين الصحة العامة.
وفي ختام حديثه، وجه ويليامز رسالة قوية: “تذكَّر أن الجلوس هو التدخين الجديد… إنه أمر سيئ جداً”. وأكد على ضرورة أخذ فترات استراحة قصيرة كل 30 دقيقة للتحرك والمشي، حتى لو كانت لفترة وجيزة، لأن هذه الخطوات البسيطة يمكن أن تُحدث تغييراً جذرياً في صحتنا على المدى الطويل.
هذا التحذير ليس مجرد دعوة للحركة، بل هو تذكير بأن صحتنا هي مسؤوليتنا الأولى، وأن التغييرات الصغيرة في روتيننا اليومي يمكن أن تُحدث تأثيراً كبيراً في حياتنا. فلنبدأ اليوم، ولنحرص على أن نكون أكثر نشاطاً، لأن كل خطوة نخطوها هي استثمار في مستقبل أكثر صحة وسعادة.
فريق التحرير