في خطوة هي الأولى من نوعها عالميًا، أطلقت الصحيفة الإيطالية “Il Foglio” نسخةً يوميةً كاملةً مكتوبةً بالذكاء الاصطناعي، مما أثار إعجاب الكثيرين، لكنه طرح في الوقت نفسه تساؤلات عميقة حول مخاطر هذه التجربة على مستقبل الصحافة والمجتمع.
ما الذي حدث بالضبط؟
أصدرت “Il Foglio”، وهي صحيفة يومية يبلغ توزيعها 29 ألف نسخة، إصدارًا موازيًا مكونًا من 4 صفحات، يحتوي على 22 مقالًا و3 مقالات افتتاحية، جميعها من إنتاج “ChatGPT”، مع توجيه من 20 صحفيًا بشريًا. المواضيع تراوحت بين التحليل السياسي لخطابات رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، إلى مناقشة المحادثة الأخيرة بين ترامب وبوتين، وحتى مقالات عن الموضة.
الهدف: التجربة أم البداية؟
كلاوديو سيراسا، مدير الصحيفة، أكد أن الهدف ليس استبدال الصحفيين، بل اختبار إمكانات الذكاء الاصطناعي وحدوده. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تفتح الباب أمام أسئلة خطيرة:
– هل يمكن الوثوق بمحتوى من صنع آلة؟
– ما تأثير ذلك على وظائف الصحفيين؟
– هل ستتحول الصحافة إلى مجرد “إعادة صياغة آلية” للأخبار؟
المخاطر الكامنة… لماذا القلق؟
1. تهديد المصداقية
الذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات المتاحة على الإنترنت، التي قد تكون غير دقيقة أو منحازة. “ChatGPT” لا يملك القدرة على التحقق من الحقائق بنفس دقة الصحفيين، مما يزيد من خطر نشر معلومات مضللة دون رقابة حقيقية.
2. موت الصحافة الاستقصائية
الأخبار التي ينتجها الذكاء الاصطناعي تعتمد على ما هو موجود مسبقًا على الشبكة، بينما تقوم الصحافة الحقيقية على التحقيقات الميدانية، والكشف عن الفساد، ورواية القصص الإنسانية التي لا يصل إليها الروبوت. إذا انتشر هذا النموذج، قد تختفي تدريجًا الصحافة الجريئة التي تحمي الديمقراطية.
3. فقدان البصمة الإنسانية
الكتابة الصحفية ليست مجرد نقل معلومات، بل تحتوي على التحليل، والمشاعر، والربط بين الأحداث بطرق إبداعية. الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى “الحدس” و”الضمير الصحفي”، مما يجعل محتواه جافًا وخاليًا من الروح.
4. خطر البطالة في قطاع الإعلام
إذا تمكنت الصحف من إنتاج محتوى يومي بتكلفة أقل باستخدام الذكاء الاصطناعي، فقد تلجأ إلى تسريح العشرات من الصحفيين، مما يفاقم أزمة البطالة في القطاع الإعلامي الذي يعاني أصلاً من التدهور المالي.
ردود الفعل: بين الإعجاب والرفض
أعرب 90% من قراء “Il Foglio” عن إعجابهم بالتجربة، بينما عبّر 10% عن قلقهم، قائلين: “لا تتخلوا عن الذكاء البشري، فهو الأفضل!”. لكن الخوف الأكبر هو أن تصبح مثل هذه التجارب “البداية الناعمة” لاستبدال العنصر البشري تدريجيًا.
رئيس تحرير موقع المسمار حسين غزالة: ثورة تحتاج إلى حذر!
يشير رئيس تخرير موقع المسمار الأستاذ حسين غزالة بأن التجربة الإيطالية تثبت أن الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج محتوى سريع بتكلفة منخفضة، لكنها تكشف أيضًا عن مخاطره الكبيرة على مصداقية الصحافة ومستقبل العاملين فيه. السؤال الآن ليس “هل يمكن للذكاء الاصطناعي كتابة الأخبار؟”، بل *”هل يجب أن يفعل ذلك؟”.
الجواب يعتمد على ما إذا كنا مستعدين للتضحية بالصحافة الحقيقية في سبيل السرعة والربح.
وينصح الأستاذ غزالة على الإلتزام في وضع ضوابط أخلاقية تمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في المواضيع الحساسة مثل السياسة والتحقيقات. وإلزام المنصات بالإفصاح عندما يكون المحتوى من صنع الروبوتات.بالإضافة الى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة وليس كبديل، مثل المساعدة في تحليل البيانات أو تصحيح الأخطاء.
فريق التحرير