أعلنت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية وجع الحجارة التي تئن في قطاع غزة، بعد أن أصاب العدوان الإسرائيلي روح التراث وحكايات الأجداد. 226 موقعًا أثريًا لم تكن مجرد حجارة صامتة، بل شواهد تنبض بتاريخ طويل، تطايرت أجزاء منها بفعل القصف، وكأن الزمن جُرّد من ملامحه فجأة.
في تقرير بعنوان “حصر الأضرار والمخاطر لمواقع التراث الثقافي في غزة”، جاء الحصر موجعًا. 138 موقعًا دُمرت بشكل كبير، و61 موقعًا تضررت بشكل متوسط، بينما أصابت الأضرار 27 موقعًا بشكل بسيط. لكن، ورغم كل هذا الخراب، بقيت 90 موقعًا صامدة، تشهد على عناد التاريخ ورغبته في البقاء رغم كل العواصف.
وقدّر التقرير ميزانية إعادة الروح لهذا التراث بنحو 261.15 مليون يورو، موزعة على ثلاث مراحل أشبه بمحاولات إنقاذ روح تناضل للبقاء. في المرحلة الأولى، سيتم التدخل بشكل عاجل لإنقاذ المواقع الأكثر تهديدًا، بتكلفة 31.2 مليون يورو، وكأنها عملية إسعاف فورية لأحجار ترفض السقوط.
أما المرحلة الثانية، فستُخصص لترميم الجراح العميقة وإعادة تأهيل ما يمكن استعادته، بتكلفة 96.72 مليون يورو. وفي المرحلة الأخيرة، ستبدأ رحلة إعادة بناء ما تهدّم بالكامل، بميزانية 133.23 مليون يورو تمتد على مدى 8 سنوات، وكأنها وعد ببعث جديد لهذا الإرث الحي.
هذه المواقع ليست مجرد أطلال، بل ذاكرة شعب وهوية تروي قصته على هذه الأرض. تقرير الوزارة لم يكن مجرد إحصاء للأضرار، بل شهادة على جريمة متعمدة، إذ اتهم جيش الاحتلال بمحاولة محو جزء من روح فلسطين، تلك الروح التي تنبض في حجارة لا تزال واقفة، ترفض الاندثار وتصرّ على البقاء، كأنها تنادي: نحن هنا… والهوية لا تُمحى.
فريق التحرير