عندما ظهرت السجائر الإلكترونية لأول مرة، كان الهدف منها أن تكون حلاً جذرياً لمشكلة التدخين التقليدي، وسيلة آمنة ومساعدة للمدخنين على التخلص من إدمان النيكوتين. لكن مع مرور الوقت، انقلبت الآية، وأصبحت هذه الوسيلة المبتكرة فخاً جديداً للإدمان، يصعب على مستخدميها الإفلات منه.
البداية كانت واعدة
في عام 2003، ابتكر الصيدلي الصيني هون ليك أول سيجارة إلكترونية تجارية بعد وفاة والده بسرطان الرئة. اعتمدت فكرته على تحويل السائل إلى بخار بدلاً من الدخان الناتج عن الاحتراق، ليحصل على براءة اختراع عام 2007. ومع أن محاولات تطوير الفكرة بدأت منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، فإن ابتكار ليك كان نقطة الانطلاق الفعلية نحو انتشار السجائر الإلكترونية بالشكل الذي نعرفه اليوم.
في البداية، رحّب بعض خبراء الصحة بالسجائر الإلكترونية كبديل أقل ضرراً من السجائر التقليدية، إذ لا تنتج القطران أو أول أكسيد الكربون. لكن هذه الصورة الوردية سرعان ما تغيرت، مع ظهور أدلة تشير إلى أنها ليست مجرد وسيلة مساعدة على الإقلاع، بل بوابة لإدمان جديد أكثر تعقيداً.
لماذا يصعب الإقلاع عن السجائر الإلكترونية؟
ما يجعل السجائر الإلكترونية أكثر إدماناً هو تصميمها الماكر. بخلاف السجائر التقليدية التي تنتهي بعد عدد معين من النفخات، توفر السجائر الإلكترونية استخداماً مستمراً لا ينقطع، مع آلاف النفخات المليئة بالنيكوتين في كل جهاز.
عدم الحاجة إلى إشعالها يجعل استخدامها سهلاً في الأماكن المغلقة، مما يزيد من فرصة التعرض المستمر للنيكوتين. أستاذ الجامعة الطبية في ولاية كارولينا الجنوبية بنجامين تول يوضح أن هذا النمط يجعل الإقلاع عنها تحدياً أصعب من الإقلاع عن السجائر التقليدية، حيث يحتفظ بعض المدمنين بالجهاز تحت وسادتهم لاستخدامه فور الاستيقاظ.
إدمان في أوساط الشباب
أفادت تقارير منظمة الصحة العالمية أن استخدام السجائر الإلكترونية ينتشر بشكل كبير بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً، مدفوعاً بالتسويق المكثف والتصميمات الجذابة والنكهات المتنوعة التي تصل إلى 16 ألف نكهة. حتى أن بعض الشركات تستخدم شخصيات كرتونية وتصميمات أنيقة لجذب الأطفال وصغار السن.
لكن المشكلة لا تقتصر على الإدمان، إذ تشير الدراسات إلى أن السجائر الإلكترونية قد تؤثر على نمو الدماغ لدى المراهقين، وتزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والرئة، وقد تنتج مواد سامة ترتبط ببعض أنواع السرطان.
كيف تقلع عن السجائر الإلكترونية؟
الإقلاع عن السجائر الإلكترونية قد يكون تحدياً، لكن ليس مستحيلاً. إليك خطة بسيطة يمكن أن تساعدك في هذه الرحلة:
- حدد سبب الإقلاع: سواء كان لتحسين صحتك، حماية عائلتك، أو توفير المال، ضع هدفاً واضحاً أمامك.
- ضع إستراتيجية تدريجية: ابدأ بتقليل استخدام السجائر الإلكترونية تدريجياً حتى تصل إلى التوقف الكامل، حتى لو استغرق الأمر شهوراً.
- استبدلها بعادات صحية: مارس الرياضة أو التأمل، جرب مضغ العلكة، أو انشغل بأنشطة جديدة.
- ابحث عن الدعم: اطلب المساعدة من الأصدقاء أو العائلة، أو انضم إلى مجموعات دعم خاصة بالإقلاع عن التدخين.
- احتفل بإنجازاتك: كافئ نفسك عند كل تقدم تحرزه في رحلتك للتوقف عن التدخين الإلكتروني.
رغم أن السجائر الإلكترونية بدأت كبديل صحي، إلا أنها أصبحت تهديداً جديداً لا يقل خطورة عن السجائر التقليدية. الإقلاع عنها يتطلب الإرادة والدعم، لكن النتيجة تستحق الجهد. صحتك وحياتك تستحقان فرصة جديدة خالية من الإدمان.
فريق التحرير