فرصة ذهبية لتنظيف البحيرة الملوّثة بعد انحسار المياه.
يشهد لبنان أزمة بيئية غير مسبوقة، حيث بدأ الجفاف يفرض نفسه بقوة على مختلف المناطق، مؤثرًا على الموارد المائية التي تعاني أصلًا من تدهور مستمر. إحدى أبرز ضحايا هذه الأزمة هي بحيرة القرعون، التي ظهرت بمشهد مخيف بعدما جفّت مياهها بشكل كبير، ما أثار مخاوف بيئية وصحية واقتصادية كبرى.
بحيرة القرعون… من مصدر للحياة إلى كارثة بيئية
تقع بحيرة القرعون في سهل البقاع الغربي، وتُعدّ من أهم خزانات المياه الاصطناعية في لبنان، حيث أُنشئت عام 1959 على نهر الليطاني لتوفير المياه للريّ وتوليد الطاقة الكهرومائية. لكنها، على مرّ السنوات، تحوّلت من مصدر للحياة إلى مستنقع ملوّث، بفعل التصريف العشوائي لمياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والزراعية.
واليوم، مع انخفاض مستوى المياه إلى معدلات غير مسبوقة بسبب الجفاف، انكشفت كميات هائلة من الطين والملوّثات المتراكمة، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة وارتفاع خطر التلوث البيئي في المنطقة.
فرصة نادرة لتنظيف البحيرة… هل يتم استغلالها؟
رغم المشهد الكارثي الذي فرضه الجفاف، إلا أن هذه الأزمة قد تشكل فرصة نادرة لتنظيف قاع البحيرة من الترسبات السامة، وإطلاق خطة شاملة لإعادة تأهيلها. مع انحسار المياه، أصبح من الممكن إزالة كميات كبيرة من الطمي الملوث، إضافةً إلى تنظيف المخلفات الصناعية التي تراكمت على مدى عقود.
لكن السؤال الأهم: هل ستتحرّك الجهات المعنية للاستفادة من هذا الوضع قبل أن تعود المياه إلى مستوى أعلى، مما يعقّد عمليات التنظيف مجددًا؟
ضرورة تحرّك عاجل
يجب على الحكومة اللبنانية والهيئات البيئية اتخاذ خطوات سريعة لتنفيذ خطة تنظيف البحيرة، بالتعاون مع منظمات دولية وخبراء بيئيين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
- إزالة الطمي والملوثات: عبر فرق متخصصة وتجهيزات حديثة.
- تفعيل محطات معالجة الصرف الصحي: لمنع المزيد من التلوث مستقبلاً.
- فرض قوانين أكثر صرامة: للحدّ من التصريف الصناعي والزراعي العشوائي.
- إعادة تأهيل النظام البيئي المحيط: من خلال زراعة النباتات المناسبة وتنشيط الحياة المائية.
ختاماً، إن انحسار المياه في بحيرة القرعون هو جرس إنذار خطير حول مستقبل الأمن المائي في لبنان، لكنه في الوقت نفسه قد يكون فرصة أخيرة لإنقاذ البحيرة من كارثة بيئية طويلة الأمد. التحرك الفوري مطلوب، وإلا فإن المياه عندما تعود، ستعيد معها التلوث والمخاطر التي تهدد حياة السكان والنظام البيئي بأكمله.
فهل سيتحرّك المعنيون قبل فوات الأوان؟
بقلم رئيس التحرير التحرير حسين عباس غزالة