في خطوة تعكس تحسّن العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أفادت وكالة “رويترز” بأن الصين قد قامت بشراء شحنتين من القمح الأميركي عقب اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. وتمثل هذه الشحنات، التي تقدر بحوالي 120 ألف طن من القمح الأميركي، أول عملية شراء من هذا النوع منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، وهي خطوة تشير إلى تحسن الأجواء التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بعد فترة من التوترات التجارية الطويلة.
إلغاء الرسوم الجمركية على القمح الأميركي
تزامنًا مع هذه الصفقات، أعلنت بكين، في بيان رسمي، عن قرارها إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضتها في آذار/مارس الماضي على مجموعة من السلع الزراعية الأميركية، ومن بينها القمح. وبناءً على هذا القرار، سيتم إلغاء رسوم بنسبة 15% على واردات القمح الأميركي اعتبارًا من 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تهدئة التوترات التجارية وتحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
دلالة سياسية وراء الصفقة التجارية
على الرغم من أن القمح الأميركي ليس من أرخص الخيارات في الأسواق العالمية، إلا أن عملية شراء هذه الشحنات من قبل الصين تحمل بُعدًا سياسيًا أكثر من كونها تجارية بحتة. وفي هذا السياق، صرح أحد تجار الحبوب في سنغافورة لوكالة “رويترز” قائلاً: “شراء الصين لهذه الشحنات يعكس التزامًا سياسيًا من جانبها، حيث إن القمح الأميركي ليس الأرخص في السوق، ما يجعل الصفقة ذات طابع سياسي أيضًا”.
لطالما استخدمت الصين مشترياتها من المنتجات الزراعية كأداة تفاوض في المواجهات التجارية مع الولايات المتحدة، حيث كانت تتجنب شراء السلع الأميركية في فترات التوتر، وتفضّل استيراد هذه السلع من أسواق أخرى. ومع عودة المفاوضات إلى المسار الإيجابي، يبدو أن الصين تتخذ خطوة نحو تعزيز الشراكة التجارية مع الولايات المتحدة، بما يساهم في تهدئة الأجواء التجارية بين البلدين.
انخفاض الواردات الصينية من القمح الأميركي
على الرغم من هذه الصفقة الأخيرة، سجلت الصين انخفاضًا حادًا في وارداتها من القمح الأميركي في عام 2022، بعد موسم محلي وفير. فقد تراجعت واردات الصين من القمح الأميركي بنسبة 72% بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت واردات الصين من القمح الأميركي نحو 1.9 مليون طن في 2024، وهو ما يعادل 17% من إجمالي وارداتها.
ورغم ذلك، تشير هذه الخطوة الأخيرة إلى بداية تحسن في الوضع، لا سيما مع إلغاء الرسوم الجمركية على القمح الأميركي، ما يُتوقع أن يعزز الواردات من هذه السلعة في الأشهر المقبلة.
تحسن العلاقات التجارية: إشارات إيجابية للمستقبل
في مؤشر آخر على تحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أشار مارك ويلسون، رئيس مجلس الحبوب والمنتجات الحيوية الأميركي، إلى أن الولايات المتحدة قد أرسلت مؤخرًا شحنة من الذرة الرفيعة إلى الصين بعد اللقاء الذي جمع ترامب وشي. هذه الخطوة تُعد مؤشرًا آخر على انفراجة محتملة في العلاقات التجارية بين البلدين، حيث يُظهر الجانبان استعدادًا للتعاون في المجالات التجارية الزراعية.
أثر الصفقة على الأسواق الزراعية العالمية
تعد صفقة شراء الصين للقمح الأميركي خطوة إيجابية نحو تهدئة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادات العالم، وهي في الوقت نفسه تعكس التزام الصين بتحسين علاقتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة. وبالنسبة للأسواق العالمية، من المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في زيادة الاستقرار في أسواق السلع الزراعية، حيث يمكن أن تساعد في تعزيز الطلب على المنتجات الزراعية الأميركية، خاصةً في ظل التحديات العالمية في إنتاج المحاصيل نتيجة للتغيرات المناخية والاقتصادية.
كما أن إلغاء الرسوم الجمركية على واردات القمح الأميركي يمثل بداية جديدة في العلاقات التجارية بين البلدين، مما يعزز من آفاق التعاون الزراعي والاقتصادي في المستقبل القريب.




