في خطوة مفاجئة وتزامنت مع زيارة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إلى واشنطن، قررت الولايات المتحدة الأميركية، يوم الجمعة الماضي، رفع العقوبات المفروضة على كل من الشرع ووزير الداخلية السوري، أنس خطاب. هذا القرار يعكس تحولاً ملحوظاً في السياسة الأميركية تجاه النظام السوري، ويثير العديد من التساؤلات حول الأبعاد السياسية والإستراتيجية لهذا التحول، خصوصاً في ظل الظروف الإقليمية والدولية المعقدة.
السياق الدولي والتحولات السياسية
تأتي هذه الخطوة بعد أيام من قرار مجلس الأمن الدولي، الذي قادته الولايات المتحدة، بإزالة أسماء الشرع وخطاب من قائمة العقوبات المفروضة على تنظيمي “داعش” و”القاعدة”. قرار رفع العقوبات يتزامن أيضاً مع اللقاء المرتقب بين أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، الذي من المتوقع أن يعزز الآمال في استئناف المفاوضات السياسية بين سوريا وإسرائيل تحت الوساطة الأميركية. كما أن هذا القرار جاء متزامناً مع إعلان بريطانيا رفع العقوبات عن المسؤولين السوريين، ما يعكس توافقاً بين القوى الغربية على إعادة النظر في مقاربة التعاطي مع النظام السوري.
البعد السياسي: مفاوضات إسرائيلية-سورية والتغيرات في استراتيجيات واشنطن
من الواضح أن القرار الأميركي والبريطاني يرتبطان بشكل وثيق بالتحركات الدبلوماسية الأميركية في المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات إعادة إطلاق المفاوضات بين إسرائيل وسوريا. تصريحات المبعوث الأميركي توم برّاك تشير إلى أن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق أمني شامل على الحدود بين الجانبين الإسرائيلي والسوري قبل نهاية العام الجاري، وهو ما قد يشير إلى تحول في سياسة واشنطن تجاه النظام السوري بعد سنوات من العزلة والضغوطات.
رفع العقوبات عن شخصيات بارزة في النظام السوري مثل الشرع وخطاب قد يكون بمثابة خطوة أولى لتقديم حوافز للنظام السوري من أجل المشاركة في المفاوضات حول الوضع الأمني في المنطقة. ومن المحتمل أن تكون هذه الخطوة جزءاً من إستراتيجية أميركية طويلة الأمد لإعادة صياغة العلاقة مع سوريا، مع التركيز على استقرار المنطقة وإنهاء حالة الجمود السياسي التي استمرت بعد اندلاع الحرب السورية.
التأثير على الوضع الداخلي السوري والعلاقات مع القوى الإقليمية
على الصعيد الداخلي السوري، يعتبر رفع العقوبات عن شخصيات رفيعة في النظام السوري خطوة إيجابية قد تساهم في تحسين صورة الحكومة السورية على الساحة الدولية. إلا أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوات ستنعكس على تحسين الظروف المعيشية للسوريين في ظل استمرار الحرب الأهلية ووجود التحديات الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب السوري.
من ناحية أخرى، يثير هذا التحول تساؤلات حول مواقف القوى الإقليمية الأخرى، مثل إيران وروسيا، التي كانت ولا تزال داعمة رئيسية للنظام السوري. من الممكن أن يؤدي هذا التغيير إلى تعزيز دور أميركا في العملية السياسية في سوريا، وقد يزيد من تعقيد العلاقات مع حلفاء دمشق، خاصة في حال استهدفت المفاوضات المستقبلية التوصل إلى اتفاقات تتعلق بالنفوذ الإقليمي في المنطقة.
التأثير على العلاقات بين سوريا والغرب: التحديات والفرص
يعتبر رفع العقوبات عن شخصيات بارزة في النظام السوري بداية لتغيير محتمل في طبيعة العلاقة بين دمشق والدول الغربية. مع ذلك، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا التغيير يمثل بداية لتحسن حقيقي في العلاقات أم أنه مجرد خطوة تكتيكية في إطار المفاوضات التي ستبدأ مع إسرائيل. على الرغم من رفع العقوبات، فإن العديد من القضايا الجوهرية التي ترتبط بسوريا – مثل حقوق الإنسان، الحريات السياسية، والتحقيقات حول الجرائم التي ارتكبها النظام – لا تزال تشكل عقبات كبيرة أمام تطبيع العلاقات بين دمشق والغرب.
تحولات إقليمية ودولية في مرحلة حاسمة
القرار الأميركي والبريطاني برفع العقوبات عن أحمد الشرع وأنس خطاب يشير إلى تحول تدريجي في سياسة القوى الغربية تجاه سوريا. هذا التغيير قد يكون بداية لمسار دبلوماسي جديد يهدف إلى إيجاد حلول للأزمات الإقليمية المعقدة، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات بين سوريا وإسرائيل، وتأمين الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. إلا أن التطورات القادمة ستكون محورية في تحديد ما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى نتائج إيجابية على أرض الواقع أم أنها مجرد تغييرات شكلية في إطار لعبة دبلوماسية معقدة.




