يُعدّ الإمساك من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا على مستوى العالم.
وتشير الدراسات الحديثة، بحسب الدكتورة ماريا قبيسي، المتخصصة في العلاج الفيزيائي وإعادة تأهيل الجهاز الهضمي، إلى أن حوالي 15٪ من الأشخاص يعانون من إمساك مزمن يؤثر على راحتهم الجسدية والنفسية.
وتوضح الدكتورة قبيسي أن هذا الاضطراب ليس بسيطًا كما يُعتقد، بل هو انعكاس لاختلال في توازن عمل الجهاز الهضمي والعضلات المحيطة به.

تعريف الإمساك حسب معايير Rome III
تشرح الدكتورة ماريا قبيسي أن الإمساك يُعرَّف طبيًا وفقًا لمعايير Rome III عندما تقل حركة الأمعاء عن ثلاث مرات أسبوعيًا.
في المقابل، يُعتبر المعدل الطبيعي بين 3 مرات يوميًا و3 مرات أسبوعيًا (أي ما بين 3 إلى 21 مرة أسبوعيًا).
وعندما تقل هذه الوتيرة، تبدأ الفضلات بالتراكم داخل القولون لفترة طويلة، مما يسبب جفافها وصعوبة في إخراجها.
وتضيف الدكتورة قبيسي أن هذا التباطؤ لا يُقاس فقط بعدد المرات، بل أيضًا بنوعية الإخراج، وشعور الشخص بعدم الإفراغ الكامل أو الانزعاج أثناء التبرز.
العوامل المؤدية إلى الإمساك
تُشير الدكتورة ماريا قبيسي إلى أن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالإمساك، أهمها:
- التغييرات المفاجئة في النظام الغذائي
- قلة النشاط البدني أو الجلوس الطويل
- الضغوط النفسية العالية التي تُضعف حركة الجهاز الهضمي
- خلل وظيفي في عضلات قاع الحوض أو القولون
- بعض أنواع الأدوية التي تُبطئ حركة الأمعاء
وتؤكد الدكتورة قبيسي أن فهم السبب الجذري أساسي للعلاج، لأن الإمساك في كثير من الأحيان ليس مرضًا بحد ذاته، بل نتيجة لخلل وظيفي في عضلات أو أعصاب الجهاز الهضمي.

ما الذي يحدث داخل الجسم؟
توضح الدكتورة ماريا قبيسي أنه عندما تتباطأ حركة القولون، تبقى الفضلات لفترة طويلة في الأمعاء، مما يؤدي إلى امتصاص كميات إضافية من الماء منها.
ينتج عن ذلك براز جاف وصلب يسبب ضغطًا داخليًا مرتفعًا في القولون، مما يؤدي إلى انتفاخ، غازات، وألم في البطن.
وتضيف الدكتورة قبيسي أن هذا الركود لا يؤثر فقط على القولون، بل يمتد تأثيره إلى الدورة الدموية واللمفاوية، إذ تُصبح حركة السوائل أبطأ، مما يزيد من الشعور بالثقل في منطقة البطن.
العلاج اليدوي للأعضاء الداخلية (Visceral Manipulation)
بحسب الدكتورة ماريا قبيسي، يُعتبر العلاج اليدوي للأعضاء الداخلية (Visceral Manipulation) من التقنيات الحديثة والفعالة في التعامل مع الإمساك الوظيفي.
وهو علاج يعتمد على اللمس اليدوي الدقيق والمنهجي للأعضاء الداخلية، خصوصًا القولون والأمعاء الدقيقة، بهدف تحفيز الحركة الطبيعية واستعادة التوازن الوظيفي.
وتشرح الدكتورة قبيسي أن هذا النوع من العلاج لا يقتصر على تدليك خارجي، بل يستهدف الأعماق، حيث يتم من خلال جلسات لطيفة ومدروسة:
- تحفيز حركة القولون والأمعاء
- تحسين الدورة الدموية واللمفاوية
- تخفيف التوتر العضلي في الأنسجة المحيطة بالأعضاء
- تحسين التواصل العصبي بين الأعضاء والجهاز العصبي المركزي
وتؤكد الدكتورة قبيسي أن العديد من المرضى لاحظوا تحسنًا ملحوظًا بعد الجلسات الأولى، من حيث انتظام حركة الأمعاء وانخفاض النفخة والشعور العام بالراحة.
الرؤية العلاجية المتكاملة للدكتورة ماريا قبيسي
تؤمن الدكتورة ماريا قبيسي بنهج علاجي شامل يجمع بين العلاج اليدوي، التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم.
فالإمساك برأيها لا يمكن فصله عن الحالة النفسية للمريض، إذ تلعب الضغوط والتوترات اليومية دورًا كبيرًا في اضطراب وظيفة الأمعاء.
وتضيف الدكتورة قبيسي أن الاهتمام بالتنفس العميق، شرب المياه بكميات كافية، وتناول الأطعمة الغنية بالألياف يساعد على تعزيز نتائج العلاج اليدوي وتحقيق توازن صحي مستدام.
تختتم الدكتورة ماريا حديثها بالتأكيد على أن الإمساك هو رسالة من الجسم بضرورة إعادة التوازن الداخلي.
ومع تطور أساليب العلاج الفيزيائي، أصبح من الممكن معالجة هذه المشكلة بطريقة طبيعية وآمنة دون الاعتماد على الأدوية.
العلاج اليدوي للأعضاء الداخلية، كما توضح الدكتورة قبيسي، يُعيد الحيوية للحركة المعوية، ويُحسّن الدورة الدموية، ويُخفف التوتر الداخلي، مما يجعل الجسم يستعيد وظائفه الطبيعية بانسجام كامل بين الأعضاء.




