في السنوات الأخيرة، برز في الأوساط العلمية والطبية مفهومٌ جديد يُعرف باسم «خلايا الزومبي» أو الخلايا الشيخوخية (Senescent Cells)، وهي خلايا توقّفت عن الانقسام لكنها لا تموت. تبدو خاملة من حيث الوظيفة الانقسامية، لكنها تظلّ نشطة إفرازيًا، فتُطلق مواد التهابية وسامة تُعرف بـ SASP (Senescence-Associated Secretory Phenotype)، ما يؤدي مع الوقت إلى تدهور البيئة الخلوية المحيطة، ضعف إنتاج الكولاجين والإيلاستين، وترهّل الجلد وظهور التجاعيد.
هذه الخلايا، وإن كانت تُعدّ آلية وقائية لمنع تحوّل الخلايا المتضرّرة إلى خلايا سرطانية، إلا أن تراكمها في الأنسجة بمرور الزمن، مع ضعف قدرة الجسم على التخلص منها، قد يسهم في تسريع مظاهر الشيخوخة وتهيئة بيئة التهابية مزمنة.
البحث عن العلاج: الـ Senolytics
تقول الدكتورة زينب يونس، أخصائية طب التجميل والجلدية، إن هذا المفهوم لم يبقَ حبيس النظرية، بل فتح بابًا واسعًا أمام الأبحاث في مجال مكافحة الشيخوخة على المستوى الخلوي.
فقد ظهرت فئة من المركّبات تُعرف باسم Senolytics، وهي مواد تعمل على تحفيز موت الخلايا الشيخوخية بشكل انتقائي دون الإضرار بالخلايا السليمة. هذه المقاربة تُعتبر ثورية لأنها تستهدف أحد الجذور البيولوجية للشيخوخة بدلًا من الاكتفاء بعلاج مظاهرها الخارجية.
التجارب السريرية الأولية
في إحدى الدراسات البشرية التجريبية الصغيرة، استُخدم مزيج من Dasatinib + Quercetin (D + Q) لعدة أيام على مرضى يعانون من أمراض مرتبطة بالتقدّم بالعمر. وأظهرت النتائج انخفاضًا في مؤشرات الخلايا الشيخوخية وبعض عوامل الالتهاب، مع تحسّن محدود في بعض المؤشرات الوظيفية.
ورغم أن النتائج الأولية مشجّعة، إلا أن الدكتورة يونس تؤكد أن هذه الأبحاث ما زالت في مراحلها المبكرة، وأنه لا يمكن اعتماد Senolytics كعلاج فعلي حتى الآن نظرًا لغياب بيانات الأمان والفعالية طويلة المدى.
التحديات القائمة
ما زالت هناك عقبات عديدة أمام تحويل Senolytics إلى علاج آمن وفعّال للبشر، منها:
- ضمان الانتقائية العالية لقتل الخلايا الشيخوخية دون التأثير على الخلايا السليمة.
- تقليل الآثار الجانبية، خصوصًا أن بعض المركّبات مثل Dasatinib تُستخدم أصلًا كأدوية للسرطان.
- صعوبة قياس عبء الخلايا الشيخوخية داخل الجسم بدقة.
- الحاجة إلى دراسات طويلة الأمد لتحديد الفوائد الفعلية والمخاطر المحتملة.
نصائح الدكتورة زينب يونس لدعم صحة البشرة
بينما تستمر الأبحاث والتجارب السريرية، تنصح الدكتورة زينب يونس باتباع أساليب طبيعية داعمة لصحة الجلد والأنسجة، منها:
اتباع نظام غذائي غني بمركبات طبيعية يُعتقد أن لها تأثيرات مضادة للالتهاب أو شبيهة بالـ Senolytic، مثل:
- البصل
- التفاح
- الفراولة
- الشاي الأخضر
تقليل استهلاك السكر والمأكولات المصنّعة، لما لها من دور في تعزيز الالتهاب وتسريع تلف الخلايا.
وتؤكد الدكتورة يونس أن هذه الخطوات ليست بديلًا عن العلاج الطبي، لكنها تساعد في الحفاظ على بيئة خلوية صحية وتبطئ بعض المسارات التي تسرّع الشيخوخة.
نحو عصر جديد من الطب التجميلي
تختتم الدكتورة زينب يونس بالقول إن مفهوم خلايا الزومبي يمثل تحولًا جذريًا في فهمنا للشيخوخة، إذ لم يعد الهدف مجرد إخفاء مظاهر الزمن، بل معالجة أسبابها الخلوية.
ومع التقدّم العلمي المستمر، قد يصبح القضاء الانتقائي على الخلايا الشيخوخية أحد مفاتيح الطب التجميلي والوقائي في المستقبل، لكن ذلك سيحتاج إلى سنوات إضافية من البحث والتجارب الدقيقة لضمان الأمان والفعالية قبل أن يصبح واقعًا سريريًا معتمدًا.