كشف تقرير نشره موقع “دروب سايت” (DropSite) عن تفاصيل مثيرة تتعلق بتورط الميلياردير لاري إليسون، مؤسس شركة “أوراكل” وأحد مالكي شركة “تيك توك” الأميركية، في السياسة الأميركية المتعلقة بإسرائيل. التقرير يكشف عن محادثات سرية عبر رسائل بريد إلكتروني تعود لعام 2015 بين إليسون ورون بورسور، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، والتي تركزت على موقف السيناتور ماركو روبيو من السياسة الإسرائيلية. هذه المحادثات تكشف عن شبكة علاقات قوية جمعت إليسون بروبيو، وأثرت بشكل كبير على سياسات تتعلق بمستقبل إسرائيل في السياسة الأميركية.
دور إليسون في السياسة الإسرائيلية:
من خلال هذا التقرير، يتضح الدور المحوري الذي لعبه إليسون في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية، خصوصًا فيما يتعلق بإسرائيل. الرسائل المسربة بين إليسون وبورسور تكشف عن اهتمام إليسون العميق بتوجهات روبيو نحو السياسة الإسرائيلية قبل دعمه له في حملته الرئاسية لعام 2015. ففي محادثات متعددة بين الطرفين، سعى إليسون لتقييم مواقف روبيو من القضايا الحساسة المتعلقة بإسرائيل، بما في ذلك استعداده لدعم السياسات الإسرائيلية في الولايات المتحدة. وأكد إليسون لبورسور أنه يرى في روبيو “صديقًا حقيقيًا لإسرائيل”، وبالتالي قرر دعمه بشكل كبير في حملته الرئاسية.
الموافقة على الدعم السياسي:
في خطوة تكشف عن تداخل الأعمال والسياسة، أفاد التقرير أن إليسون أكد دعمه الكامل لروبيو بعد التأكد من مواقفه المؤيدة لإسرائيل. في وقت لاحق من العام نفسه، قام إليسون بتنظيم حفل جمع تبرعات لصالح روبيو، حيث قدم مبلغًا ضخمًا وصل إلى 5 ملايين دولار، وهو دعم مالي ضخم يعكس العلاقة الوثيقة بين إليسون والمشرعين الأميركيين الذين يعبرون عن ولائهم لإسرائيل.
يُعتبر هذا الدعم جزءًا من شبكة أكبر من العلاقات التي جمعت إليسون بمسؤولين أميركيين، بما في ذلك مواقفه المؤيدة للسياسات الإسرائيلية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. إليسون، الذي يعتبر من أبرز المناصرين لإسرائيل في الولايات المتحدة، كان له دور فعال في دعم السياسات الإسرائيلية داخل أروقة الحكومة الأميركية، وهو ما يطرح تساؤلات حول تأثير المال والأعمال على صنع القرارات السياسية في الولايات المتحدة.
التأثير على “تيك توك” والصفقة الكبرى:
إليسون لا يقتصر تأثيره على السياسة الأميركية فحسب، بل يمتد إلى مجال الأعمال حيث أسهم بشكل كبير في تحريك صفقة “تيك توك” الأميركية. بعد سنوات من التوترات حول أمن البيانات واتهامات بالتهديد الأمني من قبل الحكومة الأميركية ضد “تيك توك”، قاد إليسون الصفقة التي جعلت شركته “أوراكل” شريكًا رئيسيًا في “تيك توك”. هذه الصفقة جاءت في وقت كان فيه ماركو روبيو يقود حملة ضارية ضد “تيك توك”، مروجًا لفكرة أن التطبيق يشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي، مع التركيز على المخاوف الأمنية تجاه الصين. هذا التزامن بين حملة روبيو ضد “تيك توك” وصفقة إليسون الاستراتيجية مع التطبيق يُظهر كيف تلتقي السياسة مع الأعمال في عالم مليء بالمصالح المتشابكة.
أثر العلاقات الإسرائيلية-الأميركية على الأعمال والسياسة:
إن العلاقة الوثيقة بين إليسون وروبيو، المدعومة بتأييد إسرائيل، تشير إلى تداخل غير مسبوق بين المصالح التجارية والسياسية. فعندما يتعلق الأمر بالسياسة الإسرائيلية، يبرز السؤال: إلى أي مدى يمكن للأفراد ذوي التأثير المالي الكبير مثل إليسون أن يؤثروا على السياسة الأميركية؟ هذه الأسئلة تفتح الباب لتساؤلات حول الشفافية والمساءلة في العمليات السياسية، خصوصًا عندما يكون هناك دعم قوي من رجال الأعمال وراء حملات انتخابية لأعضاء الكونغرس والمرشحين الرئاسيين.
ويعكس هذا النوع من التأثير أيضًا شبكة معقدة من العلاقات التي تشمل حكومات أخرى مثل الحكومة الإسرائيلية، مما يثير القلق بشأن تأثير هذه القوى الاقتصادية والسياسية على السياسات الخارجية الأميركية. فهل يصبح القرار السياسي الأميركي رهينًا لمصالح الشركات الكبرى وأجنداتها الخارجية، كما في حالة إليسون مع إسرائيل؟ أم أن هناك قدرة على تحقيق توازن بين المصالح الوطنية وحماية الديمقراطية الأميركية من تأثيرات المال والشركات؟
السيطرة الإعلامية في يد إليسون:
إضافة إلى تأثيره الكبير في السياسة، يسعى إليسون أيضًا إلى توسيع سيطرته على وسائل الإعلام. يسعى ابنه ديفيد إليسون إلى استحواذات كبرى في وسائل الإعلام، مثل شبكة “سي بي إس نيوز” (CBS News) و”سي إن إن” (CNN) و”وارنر براذرز” (Warner Brothers) و”باراماونت” (Paramount)، مما يعكس طموح العائلة إليسون في التحكم في الإعلام العالمي. هذا التوجه يثير تساؤلات حول كيف يمكن لشخص واحد وعائلته أن يسيطروا على أكبر منصات الإعلام في العالم، مما يضاعف تأثيرهم على الرأي العام العالمي، خاصة في قضايا مثل السياسة الأميركية والإسرائيلية.
التداعيات المستقبلية:
إن الدور المتزايد للميلياردير إليسون في السياسة الأميركية والإسرائيلية، فضلاً عن تأثيره في قطاع الإعلام والتكنولوجيا، يطرح تحديات كبيرة حول كيفية التفاعل بين المال والسياسة. في الوقت الذي تُعتبر فيه الولايات المتحدة مركزًا للقرار السياسي العالمي، يبدو أن تأثير الشركات الكبرى مثل “أوراكل” و”تيك توك” قد بدأ في إعادة تشكيل علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم إسرائيل.
ما تثيره هذه التسريبات من تساؤلات هو مدى قدرة الدول على ضمان استقلالية قراراتها السياسية في مواجهة مصالح المال والأعمال. هل سيؤدي تأثير رجال الأعمال مثل إليسون إلى تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، أم أن هذه العلاقات ستظل محكومة بالتوازنات الداخلية في النظام السياسي الأميركي؟ في كل الأحوال، يبقى هذا الموضوع محط اهتمام كبير في ظل التداخل المتزايد بين السياسة والأعمال.