يُفترض بالمعلّم أن يكون قدوة للطالب , مصدراً للإلهام والدعم , لكن في حالاتٍ معيّنة يتحوّل هذا الدور إلى مصدر للألم النفسي والإحباط , حين يمسي المتنمّر هو المعلّم , هذه اﻠﻇاهرة ليست مجرّد حالات فردية , بل مشكلة خطيرة تؤثّر بشكل سلبي على أطفالنا وتجعل مستقبلهم عرضة للخطر .
في نوفمبر 2024 , انتشر مقطع فيديو ﻴﻅهر معلّماً في محافظة المنيا المصرية وهو يسخر من لهجة طلابه , ويعتدي عليهم بالصفع , أثار الفيديو غضباً واسعاً بين أولياء الأمور والمجتمع , مما دفع الجهات المعنية إلى إيقاف المعلّم و إحالته للتحقيق .
هذه الحوادث وغيرها تجعل الباحث يرصد الأسباب التي تجعل المعلّم يتحوّل إلى متنمر , وفقاً للدكتور تامر شوقي , أستاذ علم النفس في بكلية التربية في جامعة عين شمس فإن اسباب تنمّر المعلّم على تلاميذه تشمل :
- إحساس المعلّم بالسلطة والقوة : فالطلاب لا يستطيعون الرفض أو مقاومة هذا السلوك , وفقاً لدراسة نشرتها الصحة العامة الأميركية : فقد تم تعريف التنّمر من قبل المعلّم بأنه استخدام السلطة لمعاقبة أو التقليل من شأن الطالب بما يتجاوز الإجراءات التأديبية المعقولة
- إحساس المعلّم بالنقص : الذي يحاول تعويضه من خلال فرض السيطرة والسطوة على طلابه
- ميل المعلّم إلى أخذ اللقطة أو التريند : فالشهرة قد تصبح غاية يصلُ إليها المتنمّر عبر تحوله إلى مؤذي حقيقي للطالب .
- عدم التأهيل النفسي والتربوي الملائم للتعامل مع الأطفال وهذا ما أكدّته دراسة نشرتها مجلة علم النفس المدرسي فإن نقص التدريب والتأهيل في مجال إدارة الفصول الدراسية والتعامل مع سلوكيات الطلاب قد يسهم في حدوث التنمر من قبل المعلّمين
- غياب الرقابة على أداء المعلّم داخل الفصل وضعف القانون الرادع لهذه السلوكيات وبالتالي عدم محاسبته بشكل جدّي على تصرفاته
الآثار السلبية للتنمر على الطلاب :
- فقدان الثقة بالنفس وتكوين صورة سلبية عن الذات وبالتالي الانطواء والعزلة عند الطالب وشعوره بالعجز و الخجل المرضي
- كره المدرسة ورفض الطالب للذهاب إليها وتحوّل ركن نيل المعرفة إلى كابوس يرافقه
- تأثّر التحصيل الدراسي : بسبب الخوف والقلق الذي يزرع التردّد في الإجابة و تزعزع الثقة بقدرته المعرفية و التأثير على المهارات بشكل سلبي مما يجعل الطالب يتراجع في قدرته على تحصيل الدرجات العلمية
- انعدام التواصل والثقة بين المربّي والمتعلّم وبالتالي تكوين فجوة بين المؤسسة التربوية التعليمية و أسرة الطالب
- انتشار سلوك التنّمر وانتقاله إلى الطالب ليتلقّن السلوك ويطبّقه على غيره من الأقران
دور المجتمع بالتصدّي للتنّمر من قبل المعلّم :
- توفير برامج تدريبية للمعلّمين لتأهيلهم نفسياً وتربوياً ومراعاة أعمار الطلاب في اختيار المعلّم المناسب للصفوف الدراسية
- توعية الطالب على أهمية الاحترام المتبادل بينه وبين المعلّم وتعزيز ثقته بتحصيل حقوقه في حال تعرّض للتنمر أو السخرية , وتعزيز الدعم النفسي له في بداية الفصل الدراسي
- تشجيع التواصل بين الأسرة والمدرسة لرصد أي حالات تنمر والتعامل بحسم وسرعة لاحتواء الحالة ومنع تكرارها
- تعزيز الرقابة داخل الفصول الدراسية ومتابعة سلوكيات المعلّمين وعدم التغافل عن أي ملاﺣﻅة يبديها الطالب اتجاه سلوك معيّن أو مفردات محددّة
المعلّم هو النواة الأولى لبناء الإنسان و المدرسة هي العالم الثاني بعد الأسرة التي يدخلُ إليها الطفل , ولذلك يجب أن تكون المدرسة الحاضنة الآمنة والمحفّزة للتعلّم, فالتنّمر من قبل المعلّم ليس مجرّد سلوك غير لائق , بل جريمة تربوية ونفسية تؤثر على مستقبل الطالب وبالتالي على بوصلة حياته و لذلك على الجميع من أولياء أمور وإداريين و معلّمين العمل معاً للقضاء على هذه الطاهرة و حماية أبنائنا من آثارها السلبية .