في 2 أغسطس 2025، غيّب الموت عن عالمنا روبرت ويلسون، المخرج والكاتب المسرحي والفنان البصري الأميركي، عن عمر يناهز 83 عاماً، بعد مسيرة فنية طويلة وملهمة.
توفي ويلسون بسلام بعد مرض حاد وقصير، كما أعلن مركز “ووترميل”، الذي أسسه في ولاية نيويورك.
برحيله، فقد المسرح العالمي أحد أبرز رواده الذين تركوا بصمتهم في المسرح المعاصر، الأوبرا، والفن البصري.
🎭 المسيرة الفنية: من البدايات إلى الريادة العالمية
بدأت رحلة روبرت ويلسون في أواخر الستينيات، بتأسيسه “مدرسة بيرد هوفمان” في نيويورك، تكريمًا لمعلمته التي ساعدته على تجاوز التأتأة.
من هناك، انطلق ليبتكر شكلاً جديدًا من المسرح، جمع فيه بين التجريب المسرحي والفن البصري، ليصبح أحد أعمدة المسرح الأميركي والعالمي.
🔸 في السبعينيات، تعاون مع المؤلف الموسيقي فيليب غلاس لإنتاج أوبرا “آينشتاين على الشاطئ”، التي اعتُبرت ثورة في عالم الأوبرا، وحققت شهرة دولية، رغم العقبات الإنتاجية.
🗣️ في مقابلة مع الغارديان (2012)، أشار إلى أن عرض “آينشتاين” كلف 90 ألف دولار، لكن نجاحه الجماهيري جعله محطة فاصلة في مسيرته.
🌀 تجديد المسرح: أعمال غير تقليدية وتعاونات ملهمة
لم تكن أعمال ويلسون عادية. من “Deafman Glance” (أوبرا صامتة) إلى “حياة وأزمنة جوزيف ستالين” (استمرت 12 ساعة)، كان يمزج بين الحركة، الضوء، الصمت، والرمزية.
📚 أخرج أعمالًا مقتبسة عن كبار الأدباء:
- ويليام شكسبير في “الملك لير” و”العاصفة”
- أنطون تشيخوف في “أغنية البجع”
كلها بروح تجريبية تتحدى المألوف، مما عزز مكانته كمجدد مسرحي لا يتكرّر.
🖼️ الفن البصري: من الخشبة إلى المتاحف العالمية
روبرت ويلسون لم يكن مخرجًا فقط، بل أيضًا فنانًا بصريًا بارعًا.
شارك في معارض دولية، وأسس لنفسه أسلوبًا بصريًا متفردًا.
🏆 حصل على “جائزة الأسد الذهبي” في بينالي البندقية عام 1993 عن أعماله النحتية.
وفي عام 2022، عاد للبينالي مؤكّدًا أنه يفضّل أن تكون أعماله “مُعاشة لا مُفسّرة”.
🌐 التعاون مع النجوم: جسور بين الثقافات والفنون
كان ويلسون شخصية تجمع بين الحداثة والتجريب والتقاليد الفنية. تعاون مع:
- توم وايتس
- ميخائيل باريشنكوف
- لوري أندرسون
- ليدي غاغا (صمم ديكور عرضها في جوائز MTV عام 2013، وشارك معها في معارض بمتحف اللوفر)
🗨️ قال عن ليدي غاغا عام 2016:
“التركيز والقوة التي تمتلكها لا يُصدق.”
🏅 الجوائز والتكريمات
نال ويلسون خلال مسيرته العديد من الجوائز، منها:
- جائزة Drama Desk للإخراج (1971)
- ترشيح لجائزة بوليتزر في الدراما (1986)
- جائزة أوليفييه لأفضل أوبرا (2013)
كلها تكرّم تأثيره المتفرد في عالم المسرح والفن الحديث.
إرث لا يُنسى
برحيل روبرت ويلسون، يفقد العالم فنانًا نادرًا جمع بين البصيرة المسرحية، الحِس البصري، وروح التجريب.
ترك وراءه إرثًا فنيًا خالداً، يمتد من الخشبة إلى اللوحة، من الأوبرا إلى الضوء، ومن الكلمات إلى الصمت.
لقد كان جسرًا بين الفنون، وصوتًا مميزًا في زمن يبحث فيه المسرح عن معنى، وكان دائمًا يشكّل أعماله ليكون الفن تجربة بصرية ووجدانية تُعاش، لا مجرد عرض يُشاهَد.