مع بداية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، شهدت العلاقة بينه وبين إيلون ماسك توافقاً واسع النطاق، وصل إلى حد استحداث منصب حكومي خاص لماسك لدعم جهود ترشيد الإنفاق الفيدرالي. إلا أن الأمور تغيرت سريعاً، فبعد أقل من عام دخل الاثنان في خلافات علنية على منصات التواصل الاجتماعي، ما أثار تساؤلات حول تأثير ذلك على شركات ماسك وعلاماته التجارية.
رغم ابتعاده عن المشاركة المباشرة في إدارة ترامب، لا يزال ماسك يحتفظ بحضور سياسي نشط من خلال تأسيس حزب “أميركا” الذي يطمح إلى أن يكون قوة سياسية ثالثة بالولايات المتحدة، ما يعكس تمسكه باللعب في الحلبة السياسية رغم التحديات التي تواجه شركاته.
تراجع أسهم “تسلا” وتأثير السياسة
كان قطاع السيارات الكهربائية الأكثر تأثراً؛ حيث شهدت أسهم “تسلا” تذبذبات حادة منذ مطلع العام، مع انخفاض كبير بين يناير ومارس 2025، حيث تراجع سعر السهم من نحو 400 دولار إلى 222 دولاراً، وفقاً لموقع “مايكرو تريندز”. وعلى الرغم من بعض الارتفاعات المؤقتة، عاود السهم الانخفاض مجدداً في أبريل.
حملة الأسهم طالبت ماسك بالتركيز على أعماله وترك السياسة، وهو ما أعلن عنه بالفعل في مايو، ليشهد السهم ارتفاعاً بنسبة 22% ليصل إلى نحو 362 دولاراً، إلا أن إعلان ماسك عن تأسيس حزبه الجديد أدى إلى انخفاض آخر بقيمة 14%، مخسراً أكثر من 20 مليار دولار من ثروته الخاصة، بالإضافة إلى خسارة حملة الأسهم نحو 100 مليار دولار، بحسب تقرير وكالة “أكسيوس”.
“سبيس إكس” و”إكس” بين الصعود والهبوط
في المقابل، حققت شركة الفضاء الخاصة “سبيس إكس” انتعاشاً ملفتاً، مع توقعات تصل قيمة الشركة إلى 400 مليار دولار، بزيادة 14% عن بداية العام، بحسب “وول ستريت جورنال”. ويرجع ذلك جزئياً إلى كونها شركة خاصة لا تخضع لتقلبات سوق الأسهم بنفس حدة “تسلا”.
أما منصة “إكس” (المعروفة سابقاً بتويتر)، فقد استقرت قيمتها عند 44 مليار دولار، ما يعادل السعر الذي دفعه ماسك للاستحواذ عليها عام 2022، حسب تقرير “الغارديان”.
منافسة متصاعدة في مختلف القطاعات
يواجه ماسك منافسة متزايدة في الأسواق التي تهيمن عليها شركاته. في قطاع السيارات الكهربائية، استطاعت الشركة الصينية “بي واي دي” (BYD) أن تتصدر مبيعات السوق العالمي بحصة 22%، مقابل 10% لتسلا، وفق “أوتو فيستا 2024”. ويشهد السوق نمواً عالمياً بنسبة 28% عن العام السابق، ما يجعل تراجع مبيعات “تسلا” مؤشراً خطيراً.
في مجال الفضاء، تحاول شركات مثل “بلو أوريجن” (Blue Origin) التابعة لجيف بيزوس تحدي هيمنة “سبيس إكس”، فيما يشير تقرير “MIT Technology Review” إلى أن العلاقة المتوترة بين ماسك والإدارة الأميركية قد تؤثر سلباً على عقود الفضاء التي كانت من أبرز عوامل نجاح الشركة.
تحديات تقنية وأزمات متكررة
لا تتوقف الصعوبات على المنافسة، بل تشمل مشاكل تقنية متزايدة، فقد تعرضت خدمات “إكس” و”إكس إيه آي” لموجة انتقادات حادة بعد ظهور تعليقات معادية للسامية عبر روبوت الدردشة “غروك 4.0″، مما اضطر الشركة لإيقافه مؤقتاً.
كما يواجه نظام التاكسي ذاتي القيادة الذي أطلقه ماسك تجارب وانتقادات تتعلق بسلامة الركاب والمارة في مدينة أوستن. وفي قطاع الفضاء، انفجر صاروخ اختباري لشركة “سبيس إكس” في يونيو الماضي، مما أثار الشكوك حول خطط ماسك لغزو المريخ.
ثروة هائلة وسط عدم يقين
على الرغم من كل هذه التحديات، يظل إيلون ماسك أغنى رجل في العالم، بثروة تقدر بـ404 مليارات دولار وفق تقرير “فوربس” الأخير. لكن السؤال يبقى: هل تؤدي مغامراته السياسية ومشاكله التقنية إلى زعزعة قواعد إمبراطوريته الاقتصادية على المدى الطويل؟