منذ أسابيع، والعالم يتابع بقلق بالغ تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط.
صواريخ عابرة للحدود، هجمات على السفن، ومطارات تتحوّل إلى أهداف متكررة.
المواجهة بين إيران وإسرائيل تجاوزت كونها نزاعًا تقليديًا، لتتحوّل إلى معركة إرادات إقليمية، تتداخل فيها الحسابات العسكرية والسياسية، وتتسع رقعتها من غزة إلى طهران، مرورًا بجنوب لبنان والبحر الأحمر.
ومع دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة كلاعب مباشر، تتجدد مشاهد الصراعات الكبرى، ولكن بلغة جديدة وساحة أكثر تعقيدًا وتشظيًا..
ماذا يحدث؟ ولماذا الآن؟
ما نشهده اليوم ليس تصعيدًا عابرًا، بل تراكمًا لحسابات مؤجلة:
- إسرائيل صعّدت ضرباتها ضد ما تقول إنها “مواقع إيرانية” في سوريا.
- إيران ردّت عبر ضربات مباشرة، أو من خلال أذرعها الإقليمية في اليمن، العراق، وغزة.
- الولايات المتحدة أرسلت حاملات طائرات إلى المنطقة، وأطلقت رسائل مزدوجة: دعم غير مشروط لإسرائيل، مقابل محاولة لكبح اندلاع مواجهة شاملة.
ورغم الرسائل الدبلوماسية المعلنة، فإن التحركات العسكرية تشير إلى أن الجميع يتحسّب للأسوأ
إيران: بين الردع والاستعداد للمواجهة
إيران تخوض المواجهة على أكثر من جبهة:
- سياسيًا، من خلال مفاوضات نووية متعثرة.
- عسكريًا، عبر الحرس الثوري وأذرعه في المنطقة.
- اقتصاديًا، بمحاولات الالتفاف على العقوبات وتعزيز تحالفاتها.
لكنّ طهران، رغم تمسكها بخيار عدم الانجرار إلى حرب شاملة، تُبقي على كل السيناريوهات مفتوحة، وتُظهر استعدادًا للردع والمواجهة إذا فرضت عليها.
إسرائيل: بين التفوق العسكري وهواجس الاستنزاف
رغم امتلاكها ترسانة متقدمة ودعمًا أمريكيًا ثابتًا، تعاني إسرائيل من قلق داخلي متصاعد:
- أزمة سياسية مستمرة تُضعف القرار المركزي.
- توجّس دائم من الجبهة الشمالية مع حزب الله.
- إدراك بأن أي مواجهة موسعة مع إيران أو حلفائها قد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.
استراتيجيتها الحالية تقوم على الضربات الوقائية والردع السريع… دون التورط في مستنقع إقليمي مفتوح.
الولايات المتحدة: دعم ثابت… لكن بحذر
- واشنطن، رغم تصعيد خطابها السياسي، لا تسعى إلى حرب مفتوحة:
البيت الأبيض يدرك أن انزلاقًا عسكريًا شاملًا سيُشعل المنطقة، وسيكون له ارتدادات داخلية، خاصة مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي.
وفي الوقت ذاته، ترفض واشنطن التخلي عن التزاماتها الأمنية تجاه إسرائيل، ولو على حساب استقرار المنطقة.
لبنان: بين رسائل حزب الله وخطر الانفجار
لبنان يقف، كعادته، على الحافة:
حزب الله يُراقب المشهد، يُطلق رسائل مدروسة، ويتجنّب الانجرار المباشر.
لكن أي خطأ في الحسابات من تل أبيب أو طهران، قد يحوّل الجنوب اللبناني إلى ساحة مواجهة جديدة.
الخطر حقيقي، والانفجار المحتمل ليس بعيدًا… ولا مضمونًا.
صراع الردع… أم حافة الهاوية؟
المشهد الإقليمي يكشف معادلة دقيقة:
لا طرف يريد الحرب.
ولا طرف مستعد للتراجع.
وفي مثل هذه اللحظات المتوترة، قد لا تُشعل الحرب بقرار، بل بخطأ في التقدير أو صاروخ خارج الحسابات.
هل نقترب من تلك اللحظة؟
أم أن لعبة التهديد المتبادل ستبقى محصورة في إطار الردع الإعلامي والضغط السياسي؟
المنطقة تترقب.
والشعوب، كالعادة، تدفع الثمن… بصمتٍ، أو بصوتٍ لا أحد يرغب في سماعه.