في عالم يزداد تسارعًا وتعقيدًا، أصبحت إدارة الانفعالات بذكاء واحدة من أهم المهارات التي يحتاجها الفرد لتحقيق التوازن النفسي والنجاح في حياته الشخصية والمهنية. فكيف يمكننا أن نتحكم في انفعالاتنا وسط ضغوط الحياة اليومية؟ وما هي الأدوات التي تساعدنا على تجنب المواقف المحرجة والتفاعل بحكمة مع التحديات؟
في هذا المقال، نستعرض نصائح الخبيرة الدكتورة ثريا الساحلي، المحاضرة الجامعية ومدربة التنمية البشرية والمهارات الإدارية ، حول كيفية إدارة الانفعالات بذكاء، مع تسليط الضوء على تقنيات عملية يمكن لأي شخص تطبيقها في حياته اليومية.
لماذا إدارة الانفعالات مهمة؟
تقول الدكتورة ثريا الساحلي: “إدارة الانفعالات ليست مجرد مهارة، بل هي فن يتطلب وعيًا عميقًا بالذات وقدرة على التفاعل مع المواقف بحكمة. من يمتلك هذه المهارة يكون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سليمة، والحفاظ على علاقات صحية، وتجنب المواقف التي قد تؤدي إلى الندم لاحقًا.”
وتضيف: “التحكم في الانفعالات لا يعني كبت المشاعر، بل يعني التعبير عنها بطريقة واعية ومنتجة. هذا التحكم يمنحنا القوة لنكون في موقع القيادة بدلًا من أن نكون ضحية لظروفنا.”
تقنيات عملية لإدارة الانفعالات
بناءً على خبرتها الواسعة في مجال التنمية البشرية، تقدم الدكتورة ثريا الساحلي مجموعة من التقنيات الفعّالة التي تساعد على إدارة الانفعالات بذكاء:
1. التنفس العميق:
“عندما تشعر بالتوتر أو الغضب، خذ نفسًا عميقًا من خلال الأنف، واحبسه لثوانٍ، ثم أخرجه ببطء من الفم. هذه التقنية البسيطة تساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر بشكل فوري.”
2. إعادة التقييم المعرفي:
“بدلًا من التركيز على الجوانب السلبية للموقف، حاول أن تغير طريقة تفكيرك. اسأل نفسك: ما الذي يمكنني تعلمه من هذا الموقف؟ أو كيف يمكنني رؤية الأمر من منظور مختلف؟ هذا التحول في التفكير يقلل من حدة الانفعالات.”
3. التحكم في لغة الجسد:
“لغة الجسد تعكس مشاعرنا، لذا فإن التحكم فيها يساعد على إدارة الانفعالات. تجنب الإشارات العدوانية مثل تشبيك الذراعين أو التحديق، واستبدلها بلغة جسد هادئة ومفتوحة.”
4. التعبير عن المشاعر بوعي:
“بدلًا من الانفجار العاطفي، استخدم كلمات واضحة وهادئة للتعبير عن مشاعرك. قل: ‘أشعر بالإحباط بسبب…’ بدلًا من الصراخ أو الاتهام.”
5. الابتعاد المؤقت عن الموقف:
“إذا شعرت بأن الموقف يتجاوز قدرتك على التحمل، خذ استراحة قصيرة. الابتعاد المؤقت يمنحك فرصة لإعادة التفكير والهدوء قبل العودة بحكمة.”
6. ممارسة التأمل والاسترخاء:
“التأمل والاسترخاء من الأدوات القوية لتقليل القلق والانفعال. خصص وقتًا يوميًا لممارسة التأمل، حتى لو لبضع دقائق، لتصفية ذهنك وتعزيز هدوئك الداخلي.”
7. تطوير الذكاء العاطفي:
“الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم مشاعرك ومشاعر الآخرين، والتفاعل معها بحكمة. كلما طورت ذكاءك العاطفي، أصبحت أكثر قدرة على إدارة انفعالاتك بفاعلية.”
8. ممارسة النشاط البدني:
“الرياضة والنشاط البدني يساعدان على تقليل التوتر وتصفية الذهن. حتى المشي لمدة 10 دقائق يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حالتك المزاجية.”
9. التركيز على الحلول بدلًا من المشكلات:
“بدلًا من الغرق في التفكير السلبي، ركز على إيجاد حلول عملية. التفكير الإيجابي يساعد على تحويل الطاقة الانفعالية إلى طاقة إبداعية.”
10. طلب الدعم عند الحاجة:
“لا تتردد في طلب المساعدة من شخص تثق به، سواء كان صديقًا أو مرشدًا أو معالجًا. التحدث عن مشاعرك يمكن أن يخفف الضغط ويساعدك على رؤية الأمور بوضوح أكبر.”
في الختام علينا أن نعي بأن إدارة الانفعالات بذكاء ليست مهارة فطرية، بل هي مهارة يمكن تعلمها وتطويرها مع الوقت. من خلال تطبيق هذه التقنيات التي تقدمها الدكتورة ثريا الساحلي، يمكنك أن تتحكم في انفعالاتك، وتتعامل مع المواقف الصعبة بحكمة، وتحافظ على توازنك النفسي والعاطفي. تذكر دائمًا أن التحكم في الانفعالات هو مفتاح النجاح في العلاقات الشخصية والمهنية، وأن الاستثمار في تطوير هذه المهارة سيعود عليك بفوائد لا تُحصى.
*المصدر: الدكتورة ثريا الساحلي، مدربة تنمية بشرية ومهارات إدارية، ومحاضرة جامعية.*
فريق التحرير