عرضت دور السينما الفرنسية هذا الأسبوع، للمرة الأولى، الفيلم الفلسطيني “من المسافة صفر” للمخرج رشيد مشهراوي، الذي يسلط الضوء على قدرة الفن والإبداع في تجاوز حدود الواقع القاسي، خاصة في ظل الظروف التي يعيشها سكان غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023. الفيلم، الذي يعد وثيقة سينمائية فريدة، يجمع بين 22 فيلمًا قصيرًا من إنتاج سينمائيين غزيين، تم تصويرها بأدوات بسيطة لتوثيق الحياة اليومية تحت وطأة الحرب.
فن في زمن الحرب: قصص من غزة
يقدم الفيلم الجامع مجموعة متنوعة من الأفلام القصيرة التي تعكس تنوع التجارب الإنسانية في غزة. من بين هذه الأعمال، فيلم رسوم متحركة من الورق المقطع، يروي قصة أم فلسطينية تكتب أسماء أطفالها على أجسادهم تحسبًا لاستشهادهم تحت القصف. وفي عمل آخر، يحاول سينمائي غزي تقديم عرض كوميدي في أحد أحياء اللاجئين، بينما يستخدم آخر لوح الإخراج الخاص به كحطب للتدفئة، في مشهد يعكس التضحية بالفن من أجل البقاء.
هذه الأفلام، التي تم تصويرها بوسائل محدودة، تفتح نافذة على حياة السكان الذين يواجهون الموت والخوف يوميًا، مع الحفاظ على إنسانيتهم وإبداعهم رغم كل الظروف.
فن بلا سياسة: تركيز على الإنسان
أكد المخرج رشيد مشهراوي أن الفيلم يخلو تمامًا من الخطاب السياسي، ويهدف بدلاً من ذلك إلى إعطاء وجوه وأسماء للضحايا الذين غالبًا ما يتم اختزالهم في أرقام وإحصائيات. من خلال هذا العمل، يسعى مشهراوي إلى إظهار أن الفن يظل قادرًا على النمو والتطور حتى في أكثر الظروف قسوة، وأنه يمكن أن يكون أداة قوية لتوثيق المعاناة الإنسانية ونقلها إلى العالم.
تحديات التصوير في ظل الحرب
تصوير الأفلام القصيرة التي يتكون منها “من المسافة صفر” لم يكن مهمة سهلة. فبالإضافة إلى نقص المعدات التقنية، واجه السينمائيون الغزيون تحديات كبيرة مثل انقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، والخوف الدائم من القصف. ومع ذلك، تمكنوا من استخدام أدوات بسيطة مثل الهواتف المحمولة والكاميرات البدائية لتسجيل لحظات من حياتهم اليومية، مما يعكس إصرارهم على مواصلة الإبداع رغم كل الصعوبات.
ردود الفعل الدولية
عرض الفيلم في فرنسا لاقى اهتمامًا كبيرًا من النقاد والجمهور، الذين أشادوا بقدرته على نقل الواقع الإنساني في غزة بطريقة مؤثرة ومبتكرة. كما أشار العديد من المشاهدين إلى أن الفيلم يذكر العالم بأن الحرب لا تدمر فقط البنية التحتية، ولكنها أيضًا تهدد الثقافة والفن، وهي عناصر أساسية لهوية الشعوب.
الفن كصوت للمقاومة
“من المسافة صفر” ليس مجرد فيلم، بل هو شهادة على قوة الفن في مواجهة الدمار. من خلال هذا العمل، يثبت السينمائيون الغزيون أن الإبداع يمكن أن يكون وسيلة للمقاومة، وأن الفن قادر على تجاوز الحدود الجغرافية والسياسية لنقل رسائل إنسانية قوية. الفيلم يذكرنا بأنه حتى في أحلك الأوقات، يظل الفن أداة للتعبير عن الأمل والإنسانية.
### **المصادر:**
1. **تصريحات المخرج رشيد مشهراوي** حول أهداف الفيلم.
2. **تقارير عن عرض الفيلم في دور السينما الفرنسية**.
3. **مقابلات مع سينمائيين غزيين** شاركوا في إنتاج الأفلام القصيرة.
4. **ردود الفعل الدولية** على الفيلم من نقاد سينمائيين وجمهور.
فريق التحرير