عند الحديث عن لامين جمال، الجناح الشاب الذي أكمل للتو 18 عامًا، لا يمكننا تجاهل أدائه الرائع في ملاعب كرة القدم. لكن الأهم من ذلك هو الصفات الشخصية التي تجعله نموذجًا فريدًا في عالم الرياضة، حيث يُظهر نضجًا استثنائيًا يتجاوز سنوات عمره.
أكثر من مجرد موهبة رياضية
من يتابع كرة القدم يدرك جيدًا أن النجاح الرياضي لا يكمن فقط في الأهداف والتمريرات الحاسمة، بل في إدارة الموهبة والتعامل مع الضغوط التي تصاحب الشهرة. ولعل لامين جمال هو المثال الحي على ذلك، حيث استطاع أن يوازن بين الطموح الكبير والقدرة على التعامل مع التحديات الشخصية والاجتماعية.
في مقابلة حديثة مع الصحفي الشهير خوسيه رامون دي لا مورينا، تحدث لامين عن العديد من الجوانب في حياته، وأبرزها علاقته الوثيقة بعائلته التي تظل دائمًا محورًا مهمًا في تصريحاته.
العائلة مصدر الفخر
يستمر لامين في التعبير عن امتنانه الكبير لعائلته، حيث يصف والدته بالملكة التي قدمت له الكثير من الدعم والتضحية. ولا يتوقف عن الحديث عن جدته التي جاءت من المغرب وعملت بلا كلل لجمع المال من أجل تيسير حياة أسرته، ولا يخجل من الإشارة إلى بداياته المتواضعة، حيث عاشوا في دار للإيواء وفي شقة صغيرة، وكان والدته تعمل لساعات طويلة لكسب لقمة العيش.
وعن أول مباراة له مع برشلونة ضد ريال بيتيس، قال لامين إنه احتفل مع عائلته وأصدقائه المقربين، مشيرًا إلى أن هذا هو المكان الذي يجد فيه سعادته الحقيقية. كما أهدى لوالدته هدية ثمينة، كانت ساعة يده، قائلاً: “هذه هدية من أمي، لأنها بالنسبة لي أغلى ما في حياتي”.
الحلم والوفاء للأصول
يعتبر لامين جمال أن حلمه في أن يصبح نجمًا لكرة القدم كان دائمًا حاضرًا في ذهنه، وهو يسعى اليوم لتحقيق المزيد من النجاحات. ورغم كل ما حققه، فهو يظل متمسكًا بالقيم التي تربى عليها، مثل التواضع والوفاء للأصول. عندما سُئل عن الهدايا التي يقدّمها، ذكر أنه أهدى مئة كرة قدم لأبناء الحي الذي نشأ فيه، ليعيد جزءًا من السعادة التي كان يشعر بها عندما كان يلعب مع أصدقائه في نفس المكان.
الكرة الذهبية.. طموح بلا حدود
عندما تحدث لامين عن احتمالية الفوز بالكرة الذهبية في عمر 18 عامًا، قال بفخر: “إذا تحقق ذلك، سيكون شيئًا مذهلًا”، لكن بعد لحظات من التأمل، أضاف بتواضع: “إذا لم يحدث هذا العام، سأستمر في العمل على تطوير نفسي يومًا بعد يوم”. هذا التواضع الكبير يعكس شخصية اللاعب الذي يرى في النجاح جزءًا من رحلة طويلة.
التصدي للعنصرية بإيجابية
وبما أنه ينحدر من أصول أفريقية، فإن قضية العنصرية ليست غريبة عليه. ومع ذلك، يصر لامين على عدم التفاعل مع هذه السلوكيات السلبية، قائلاً: “لا أركز على العنصرية، فهي قلة من الناس الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع الآخرين”. كما سخر من تلك المواقف قائلاً: “هل سبق أن رأيت شخصًا أسود يقول لشخص أبيض في الشارع ‘أنت أبيض’؟ هذا ليس منطقًا، ولا أرى مبررًا للقلق من هذه التفاهات”.
نجمٌ في الملعب وفي الحياة
لامين جمال ليس فقط نجمًا في كرة القدم، بل هو نموذج شاب يحمل العديد من القيم النبيلة. فإلى جانب موهبته الكبيرة في الرياضة، يظهر في كل تصريح وموقف شخصيته الناضجة، وتقديره الكبير لعائلته، وتفانيه في تحقيق أحلامه بينما يظل متمسكًا بالتواضع. إنه اللاعب الذي يثبت أن النجومية في كرة القدم لا تقتصر على المهارات فقط، بل على الأخلاق والقدرة على التأثير الإيجابي في محيطه.