في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز استقرار قطاع الكهرباء في سوريا، وقّعت وزارة الطاقة السورية اليوم الخميس الاتفاقيات النهائية مع تحالف شركات يقوده “أورباكون القابضة” لإنشاء وتشغيل محطات توليد كهرباء بقدرة إجمالية تصل إلى 5000 ميغاواط. هذا الإعلان يأتي في وقت حساس حيث يسعى البلد إلى تحقيق استقرار أكبر في إمدادات الطاقة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة بعد سنوات من النزاع.
تفاصيل المشاريع وطاقتها الإنتاجية
تشمل الاتفاقيات التي تم توقيعها بناء 4 محطات توليد كهرباء تعمل بتقنية الدورة المركبة الغازية في كل من حلب ودير الزور وزيزون ومحردة، وهي المناطق التي تحتاج إلى دعم كبير في مجال الطاقة بسبب الأضرار التي تعرضت لها بنيتها التحتية خلال سنوات النزاع. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء 4 محطات طاقة شمسية في مناطق وديان الربيع ودير الزور وحلب وحمص، مما يعكس توجه الحكومة السورية نحو استثمار مصادر الطاقة المتجددة التي أصبحت من الأولويات في استراتيجيات تطوير قطاع الطاقة على مستوى العالم.
هذه المشاريع تمثل نقطة تحول هامة في قطاع الكهرباء السوري، حيث يُتوقع أن تسهم بشكل كبير في تحسين واقع الكهرباء، وزيادة قدرتها الإنتاجية بما يتماشى مع الطلب المتزايد على الطاقة في مختلف أنحاء البلاد.
أهداف المشاريع وأثرها على الاقتصاد المحلي
وفي تعليقه على توقيع الاتفاقيات، أكد وزير الطاقة السوري، محمد البشير، أن هذه المشاريع تمثل “نقلة نوعية في تطوير قطاع الكهرباء” في سوريا، مشيرًا إلى أنها ستساهم في “تلبية الطلب المتزايد على الطاقة” ودعم استقرار الشبكة الكهربائية الوطنية. وأضاف البشير أن هذه المشاريع ستسهم في تحسين إمدادات الكهرباء بشكل عام، مما سيساعد في توفير الكهرباء للمواطنين بشكل أكثر استدامة وتوافراً.
كما أشار الوزير إلى أن هذه المشاريع ستكون لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد السوري من خلال “توفير آلاف فرص العمل” في مختلف مراحل التنفيذ، سواء في مرحلة الإنشاء أو التشغيل، ما سيسهم في تحسين الظروف المعيشية للسكان في المناطق التي ستستفيد من هذه المشاريع. علاوة على ذلك، ستعزز هذه المشاريع من “التنمية الاقتصادية المستدامة” في سوريا، وذلك من خلال توفير طاقة مستدامة تدعم القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية.
الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجية مستقبلية
ما يميز هذه المشاريع هو التركيز على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، التي ستمثل 4 محطات من إجمالي المشاريع المقررة. هذا التوجه يعكس رؤية الحكومة السورية في الاستثمار في الطاقة النظيفة، وهو جزء من الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتوسيع مصادر الطاقة المستدامة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ويعد قطاع الطاقة المتجددة أحد المجالات التي يوليها المجتمع الدولي اهتماماً متزايداً في الوقت الحالي، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو تقليل الانبعاثات الكربونية والتأثيرات السلبية للتغير المناخي. وقد شهدت سوريا، مثل العديد من الدول الأخرى، زيادة في الاهتمام بالمصادر البديلة للطاقة كجزء من استراتيجيات التنمية المستدامة.
امتداد للخطط السابقة: تنفيذ مشاريع كبيرة للطاقة
تأتي هذه الاتفاقيات امتداداً لمذكرات التفاهم التي وقّعتها وزارة الطاقة مع تحالف الشركات في مايو الماضي، والتي تم بموجبها الاتفاق على تنفيذ مشاريع توليد الكهرباء تشمل محطات غازية وشمسية في العديد من المحافظات السورية. هذه المشاريع هي جزء من خطة الحكومة السورية لتوسيع شبكة الطاقة في البلاد وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد عملية إعادة إعمار ضخمة في مختلف القطاعات.
التحديات والطموحات المستقبلية
ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا في مجال الطاقة بسبب تأثيرات النزاع المستمر على البنية التحتية، فإن هذه الاتفاقيات تمثل خطوة هامة نحو تحقيق الأمن الطاقي الوطني. تعد هذه المشاريع جزءاً من خطة سوريا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية من الوقود.
مع بدء تنفيذ هذه المشاريع في المستقبل القريب، يُتوقع أن تشهد سوريا تحسنًا كبيرًا في استقرار شبكة الكهرباء وتلبية احتياجات القطاعات المختلفة للطاقة، مما سيسهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي في فترة ما بعد النزاع.
من خلال هذه الاتفاقيات، تعكس سوريا التزامها بتطوير قطاع الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة. إن تنفيذ محطات الغاز والطاقة الشمسية بقدرة 5000 ميغاواط يمثل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى ضمان إمدادات الطاقة المستدامة للمستقبل، ويعد خطوة إيجابية نحو تحقيق استقرار أكبر في النظام الكهربائي الوطني.




