يُعدّ الأكل العاطفي (Emotional Eating) من الظواهر المنتشرة في عصرنا الحالي، حيث يلجأ العديد من الأشخاص إلى الطعام للتعامل مع مشاعرهم، كما تشرح الدكتورة كارين كريدي، أخصائية التغذية. وتوضح أن تناول الطعام في غياب الجوع الجسدي لا يُعدّ ضعفًا في الإرادة، بل هو طريقة يستخدمها الجسم والعقل للتعامل مع المشاعر المكبوتة مثل التوتر، الحزن، الغضب، أو حتى الفرح الزائد.
الآلية البيولوجية بحسب الدكتورة كارين كريدي
تشرح الدكتورة كارين كريدي أن عند التعرض للضغط النفسي، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، ما يدفع الإنسان لتناول أطعمة غنية بالدهون والسكريات. هذه الأطعمة ترفع إفراز الدوبامين، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالمكافأة والراحة النفسية.
لكن هذا الشعور موقّت، إذ يعود مستوى الدوبامين للانخفاض بسرعة، فيشعر الشخص مجددًا بالضيق أو الذنب، ما يؤدي إلى دورة متكررة من الأكل العاطفي.
العوامل النفسية والسلوكية من منظور الدكتورة كريدي
تؤكد الدكتورة كارين أن الأكل العاطفي غالبًا ما يكون استجابة لا شعورية لمحاولة تهدئة مشاعر غير مريحة. فبدل مواجهة القلق أو التعب النفسي بطرق صحية، يلجأ البعض إلى الطعام كوسيلة تهدئة سريعة.
وتضيف أن الضغوط اليومية، قلة النوم، والروتين المرهق كلها عوامل ترفع احتمال الانخراط في الأكل العاطفي، خاصة عندما يقترن الطعام بالاحتفالات أو المكافآت في الذاكرة العاطفية للفرد.
الانعكاسات الصحية وفقًا لكريدي
تشير الدكتورة كريدي إلى أن الأكل العاطفي يؤدي مع الوقت إلى خلل في إدراك إشارات الجوع والشبع، فيأكل الإنسان دون حاجة فعلية للطاقة. ومع استمرار هذه العادة، ترتفع مخاطر زيادة الوزن، مقاومة الإنسولين، اضطرابات الهضم، وارتفاع الكوليسترول.
كما أن الشعور بالذنب بعد الأكل يزيد من الضغط النفسي والاكتئاب، ما يغذي الدائرة المفرغة بين المشاعر السلبية وتناول الطعام.
طرق العلاج المقترحة من قبل الدكتورة كارين كريدي
توصي الدكتورة كارين كريدي بعدة خطوات عملية للتحكم بالأكل العاطفي:
- الوعي بالمحفزات العاطفية: من خلال تدوين ما نشعر به قبل الأكل في مفكرة بسيطة.
- استبدال العادات: كالمشي، التأمل، أو التنفس العميق عند الشعور بالتوتر.
- تنظيم الوجبات: تناول وجبات متوازنة تحتوي على الألياف والبروتين للمحافظة على استقرار السكر في الدم.
- طلب المساعدة: من اخصائي التغذية
تختتم الدكتورة كارين كريدي حديثها بالتأكيد على أن الأكل العاطفي ليس ضعفًا في الشخصية، بل رسالة من الجسد والعقل بضرورة التعامل الواعي مع المشاعر. فحين نتعلم الإصغاء إلى أجسادنا وإدارة عواطفنا بطرق صحية، نتحرر من الأكل كوسيلة هروب، ونحوّل علاقتنا بالطعام إلى علاقة تغذية واهتمام حقيقي بالجسد والنفس.




